للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم ساق كلام أهل العلم كأحمد وعمرو بن دينار، ووكيع، وقال: وكذلك فسره أحمد، ونعيم بن حماد، والحسن بن الصباح البزار، وعبد العزيز بن يحيى الكناني، فهذا لفظ وكيع الذي سماه زرقان، وهو لفظ سائر الأئمة الذين حرف محمد بن شجاع قولهم، فإن قولهم: كلام الله من الله يريدون به شيئين:

أحدهما: أنه صفة من صفاته والصفة مما تدخل في مسمى اسمه، وهذا كما قال الإمام أحمد فالعلم من الله، وله، وعلم الله منه، وكقوله وقول غيره من الأئمة ما وصف الله من نفسه، وسمى من نفسه، ولا ريب أن هذا يقال في سائر الصفات كالقدرة، والحياة، والسمع، والبصر، وغير ذلك فإن هذه الصفات كلها من الله أي مما يدخل في مسمى اسمه.

والثاني: يريدون بقولهم: " كلام الله منه " أي خرج منه، وتكلم به كقوله: {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا} (١)، وذلك كقوله: {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي} (٢)، وقوله: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} (٣)، وهذا اللفظ والمعنى مما استفاضت به الآثار، ثم ذكر أقوال أهل العلم في المسألة وقال: وإنما سمى - والله أعلم - زرقان وكيعا لأنه كان من أعلم الأئمة بكفر الجهمية، وباطن قولهم، وكان من أعظمهم ذما لهم، وتنفيرا عنهم فيعم الجهمية من ذمه لهم ما لم يبلغهم من ذم غيره، إذ هم من أجهل الناس بالآثار النبوية وكلام السلف والأئمة كما يشهد بذلك كتبهم، ومحمد ابن شجاع هذا منهم في روايته. . . ثم نقل أقوال وكيع من كتاب أفعال العباد، مستدلا بما قال، ثم ذكر عن البخاري نصا عن عبد الله بن إدريس عن الصلاة خلف أهل البدع، وجاء فيه أنه قال عبد الله بن إدريس فأتيت وكيعا فوجدته من أعلمهم بهم، فقال: يكفرون من وجه كذا، ويكفرون من وجه كذا، ويكفرون من وجه كذا، حتى أكفرهم من كذا وكذا وجها.

ثم قال شيخ الإسلام: وهكذا رأيت الجاحظ قد شنع على حماد بن سلمة، ومعاذ ابن معاذ قاضي البصرة بما لم يشنع على غيرهما، لأن حمادا كان معتنيا بجمع أحاديث


(١) سورة الكهف الآية ٥
(٢) سورة السجدة الآية ١٣
(٣) سورة الزمر الآية ١