للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكيع فيقول: وإنما حملنا على ما بينا في هذا الكتاب من قول الفقهاء وعلى الحديث؛ لأنا سئلنا من هذا فلم نفعله زمانا، ثم فعلنا لما رجونا فيه من منفعة الناس، لأنا قد وجدنا غير واحد من الأئمة تكلفوا من التصنيف ما لم يسبقوا إليه، منهم. . . . وكيع بن الجراح. . . . وغيرهم من أهل العلم والفضل صنفوا، فجعل الله في ذلك منفعة كثيرة. . . وقد عاب بعض من لا يفهم على أهل الحديث الكلام في الرجال. . . . وهكذا روي عن. . . ووكيع بن الجراح. . . . وغيرهم من أهل العلم أنهم تكلموا في الرجال وضعفوا، وإنما حملهم على ذلك عندنا - والله أعلم - النصيحة للمسلمين (١).

وإن النقد أو الحكم على الراوي تعديلا وتجريحا أو على الحديث تصحيحا وتضعيفا ينبني على دراسة أحوال الراوي ودراسة المروي، وهو ما يسمى بالدراية عند المحدثين الذين كانوا يستخدمونها في الحكم على الراوي والمروى، ولم يكن هذا شيئا غريبا عندهم لأنه لا يمكن الحكم على الراوي إلا بعد دراسة مروياته، ومن هنا كثرت كلماتهم: " فلان عنده منكر " أو " عنده مناكير " أو " فلان إذا روى عن أهل بلده فحديثه صحيح، وإذا روى عن غير بلده ففيه ضعف أو " فلان أثبت الناس في فلان " أو " فلان سماعه قديم أو قبل الاختلاط " وهكذا دواليك، وهذه الدراية يسمونها اليوم بالنقد الداخلي، ويطول بنا الكلام إذا ضربنا لها أمثلة من صنيع المحدثين وأكتفي بذكر بعض النماذج من عمل الإمام وكيع ليتضح الأمر، ويراجع للتفصيل كلام ابن عدي والذهبي وابن حجر في مؤلفاتهم.

١ - قال وكيع: يزيد بن أبي صالح أبي حبيب: كان حسن الهيئة عنده أربعة أحاديث (٢).

٢ - قال وكيع: لقيت يونس بن يزيد الأيلي، فذاكرته بأحاديث الزهري المعروفة، فجهدت أن يقيم لي حديثا فما أقامه، وكان يونس سيئ الحفظ.


(١) العلل (٧٣٨ - ٧٣٩).
(٢) العلل لأحمد (١/ ٢٠٦) والجرح (٤/ ٢ / ٢٤٨).