للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سلام على قدر متساو مع الطوائف الأخرى (١). وبقدر ما تعاملت فرنسا مع المسلمين، بقدر ما كانت توجس خيفة من أي حركة دينية إصلاحية يقوم بها المسلمون، قد تؤدي إلى إشعال الثورة الوطنية ضد الفرنسيين. ولقد كانت هناك عدة أسباب للكف عن محاربة الإسلام في المستوطنات الفرنسية، منها أن المذهب الفيتشي الوثني ليس ديانة سماوية واضحة المعالم مثل الإسلام، كما أن الإسلام بمبادئه السامية وشريعته العادلة، يدعو للاحترام والتبجيل كما ساد النفور بين السلطات السياسية، والجهاز الكنسي المسيحي، الذي راح يدس أنفه في كل صغيرة وكبيرة، بينما أعلنت السلطة السياسية تفضيلها لبقاء الإسلام من أجل التخلص من تدخل القسس في الحكم (٢) Bour embeter les cures أو بمفهوم أوضح، رأى البعض أن الإسلام هو الجسر الذي يربط بين المجتمعات الأفريقية المنطوية على نفسها، وبين العالم الأكبر، ويساعد الأفريقيين على الخروج من القوقعة الضيقة، للمساهمة في الساحة العالمية، مما يساعد على إدخال الأفكار الحضارية الحديثة، ويوسع مفهوم تبادل المصالح الاقتصادية (٣).

وأوضح مثل على ذلك نجده في علاقة فرنسا بأبناء الطائفة المريدية، إحدى الطوائف المنبثقة من الطريقة القادرية في السنغال، وقد أسس هذه الطائفة أحمدو بامبا، على أساس فكري هو " بقدر ما يفعل الإنسان من خير على الأرض، بقدر ما ينال الجزاء في السماء " كما تقوم المريدية على أساس الولاء المطلق بين المريد وشيخ الطائفة. لقد كانت هذه الطائفة الإسلامية شديدة العداء للفرنسيين، وبادلتها فرنسا نفس الكراهية، فقامت بنفي أحمدو بامبا مرتين خارج البلاد، لكن أتباعه ازدادوا تمسكا بتعاليم شيخهم، ثم اكتشف الفرنسيون أن أبناء هذه الطائفة يملكون خبرات نادرة في زراعة الفول السوداني، وأنهم أحسن منتجيه في السنغال كله. فبدأ أصحاب المزارع الفرنسية يشجعونهم على هجر قراهم القديمة، وبناء قرى زراعية على طراز حديث في الأراضي حديثة الاستصلاح " وسرعان ما أصبح أبناء هذه الطائفة من أهم المظاهر الاقتصادية في اقتصاد السنغال الفرنسي. وتوطدت العلاقة بينهم وبين الفرنسيين، الذين كانوا لا يخفون انحيازهم لهم (٤)، حتى عندما توسع أبناء هذه الطائفة واستولوا على أراضي قبائل أخرى، كانت السلطات الفرنسية تغمض عيونها وكأن شيئا لم يكن (٥).

لقد تبين للدول الأروبية أن ميراث الحقد على الإسلام، والذي ورثته عن الحروب


(١) ٢١ - Gouilly، op. cit.، p. ١١٨-١٢٤.
(٢) ٢٢ - Suret - Canal، Afrique Noire، ١١، p. ٥٤١.
(٣) ٢٣ - Gouilly، op. cit.، p. ٢٥٧.
(٤) ٢٤ - Crowder، op. cit.، p. ٣٦١، Gouilly، pp. ١٣٤ ft.
(٥) ٢٥ - Michael Banton، West African City، ondon، ١٩٥٧، p. ١٣٥.