للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (١) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} (٢) إلى أن قال: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} (٣).

وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله حرم مكة فلم تحل لأحد قبلي، ولا تحل لأحد بعدي، وإنما أحلت لي ساعة من نهار، لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها (٤)» الحديث رواه البخاري ومسلم، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن إبراهيم حرم مكة، وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها، لا يقطع عضاها ولا يصاد صيدها (٥)» رواه البخاري ومسلم، وعلى هذا فكل ما صاده غير المحرم في الحل ودخل به الحرم أو أخذه منه محرم بشراء أو هبة أو إرث فحلال للمحرم ولمن في الحرم تملكه وذبحه وأكله في الحل والحرم، ومن أحرم وبيده صيد أو في منزله أو في قفص عنده وقد ملكه قبل ذلك فحلال له كما كان من قبل فله ذبحه وأكله وبيعه، وإنما يحرم على المحرم ومن في الحرم ابتداء تصيده للصيد وأخذه ما صيد من أجله فقط، فإن فعل فلا يملكه، وإن ذبحه فهو ميتة؛ لما ثبت في الحديث الصحيح «أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في يد أبي عمير الأنصاري طائرا يقال له: النغير، فقال له: يا أبا عمير، ما فعل النغير (٦)» ولم يأمر بإطلاقه، وكان ذلك وقد حرم المدينة، وقال هشام بن عروة: وكان أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير بمكة تسع سنين يراها في الأقفاص وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدمون بها القمارى واليعاقيب لا ينهون عن ذلك. وروى ابن حزم عن مجاهد: لا بأس أن يدخل الصيد في الحرم حيا ثم يذبحه، وروى أيضا أن صالح بن كيسان قال رأيت: الصيد يباع بمكة حيا في إمارة ابن الزبير. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس

عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز


(١) سورة المائدة الآية ٩٤
(٢) سورة المائدة الآية ٩٥
(٣) سورة المائدة الآية ٩٦
(٤) صحيح البخاري الحج (١٨٣٣)، صحيح مسلم الحج (١٣٥٣)، سنن النسائي مناسك الحج (٢٨٩٢)، سنن أبو داود المناسك (٢٠١٧)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٢٥٩).
(٥) صحيح مسلم الحج (١٣٦٢)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣٩٣).
(٦) صحيح البخاري الأدب (٦٢٠٣)، صحيح مسلم الآداب (٢١٥٠)، سنن الترمذي الصلاة (٣٣٣)، سنن أبو داود الأدب (٤٩٦٩)، سنن ابن ماجه الأدب (٣٧٢٠)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٢١٢).