للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر الله سمة تحكم مسلك العقلاء، يقول تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} (١) {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (٢).

وذكر العقلاء لله- كما تشير الآية- تأمل وتدبر، واستحضار لعظمة الذات، وليس مجرد ترديد عبارات باللسان والقلب عنها في شغل كبير.

والذكر صفة للمؤمنين. . فإذا تحدث القرآن عن الشعراء بأنهم يهيمون في أودية الغي، فمنهم من نأى عن ذلك فنبذ تقاليد الجاهلية ومقاييسها الفاسدة، واتجه إلى قيم أمثل تصلح الحياة والنفوس، وهؤلاء هم شعراء المؤمنين أو مؤمنو الشعراء، وأبرز صفاتهم الذكر الكثير لله، والانتصار لدينه، يقول تعالى: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} (٣) {أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ} (٤) {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ} (٥) {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا} (٦).

ولكون الذكر صفة للمؤمن وسمة للإيمان، وجدنا هذه النداءات في القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} (٧)، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ} (٨) ذلك لأن الذكر أعظم سلاح يرفع من معنوية المجاهد عندما يشتد البأس، وتحمر الحدق.

ويقول تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} (٩)، {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} (١٠) {الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} (١١) {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} (١٢)، واستجابة القلب للذكر وتأثره به دليل على صدق الإيمان، وقوة سلطانه على نفس الإنسان.


(١) سورة آل عمران الآية ١٩٠
(٢) سورة آل عمران الآية ١٩١
(٣) سورة الشعراء الآية ٢٢٤
(٤) سورة الشعراء الآية ٢٢٥
(٥) سورة الشعراء الآية ٢٢٦
(٦) سورة الشعراء الآية ٢٢٧
(٧) سورة الأحزاب الآية ٤١
(٨) سورة الأنفال الآية ٤٥
(٩) سورة الأنفال الآية ٢
(١٠) سورة الحج الآية ٣٤
(١١) سورة الحج الآية ٣٥
(١٢) سورة الحديد الآية ١٦