للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما التذكر فقد دعا الله نبيه إليه لأنه سيكون جنة له تحميه من نوازع البشرية، وتضع نصب عينيه مثلا أعلى من حياة من سبقوه في طريق الدعوة، فيهون أمامه البلاء، ويخف عليه وقع المحن، ويتحمل مئونة الصبر، ومن هنا كان الأمر بالتذكر يدور كله في مجال القصص القرآني.

وقد جاء الأمر في سورة مريم وحدها خمس مرات، يقول تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ} (١) {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ} (٢) {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى} (٣) {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ} (٤) {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ} (٥) الآيات.

كما جاء هذا الأمر في أربعة مواضع من سورة ص، تحث النبي عليه الصلاة والسلام على تذكر أنبياء آخرين سبقوا في الدعوة إلى الله، فيقول: {اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ} (٦) {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ} (٧) {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} (٨) {وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ} (٩)، وفي الأمر بالصبر قبل الذكر في الموضع الأول إشارة إلى أن مغزى التذكر أن يصل به النهي إلى قضية الصبر التي بها تنجح الدعوات.

وفي سورة الأحقاف يقول تعالى: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ} (١٠)، وأخو عاد كناية عن نبي الله هود عليه السلام، والأحقاف موضع معروف، في الجهة الجنوبية الشرقية من شبه الجزيرة العربية، كما يقول تعالى في صدر الحديث عن موسى عليه السلام: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} (١١).


(١) سورة مريم الآية ١٦
(٢) سورة مريم الآية ٤١
(٣) سورة مريم الآية ٥١
(٤) سورة مريم الآية ٥٤
(٥) سورة مريم الآية ٥٦
(٦) سورة ص الآية ١٧
(٧) سورة ص الآية ٤١
(٨) سورة ص الآية ٤٥
(٩) سورة ص الآية ٤٨
(١٠) سورة الأحقاف الآية ٢١
(١١) سورة القصص الآية ٤٦