للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

استنكار الغفلة الصارفة عن استحضار العبرة عندما تمر آية، أو يلم حدث، أو يطوف بالحياة أمر ذو شأن، والذي يلفت النظر، ويشد الانتباه أن هذه المواطن الستة تدور كلها حول التوحيد وتوطيد العقيدة الصحيحة للإسلام في نفوس البشر، ففي محاجة إبراهيم لقومه يؤكد لهم أنه لا يخشى إلا الله، ثم يقول: {وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ} (١) {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ} (٢).

ويضرب القرآن الكريم مثل الفريقين: الفريق الذي عقل الحق وعرف العقيدة الصحيحة، والفريق الذي غفل فضل، واتبع هواه، فالأول مثله مثل البصير والسميع، والثاني مثله: مثل الأعمى والأصم، وتنتهي الآية بهذا التساؤل {هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (٣).

ويرد هود عليه السلام شهوة جامحة لقومه طلبوها في غفلة من العقل والبصيرة، إذ رغبوا إليه أن يطرد المستضعفين من مجلسه، ليخلو لهم وحدهم ما يريدون من شهوة الانفرادية: {وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ} (٤) {وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (٥).

وفي موازنة رائعة مقنعة تأخذ بتلابيب النفوس الضالة التي غشيتها سحابة الشرك يقول رب العالمين: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (٦).


(١) سورة الأنعام الآية ٨٠
(٢) سورة الأنعام الآية ٨١
(٣) سورة هود الآية ٢٤
(٤) سورة هود الآية ٢٩
(٥) سورة هود الآية ٣٠
(٦) سورة النحل الآية ١٧