للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ب) من هم على صفة الإيمان أو التقوى أو العبادة أو الإنابة، وهذه الصفات هي من أرفع المستويات التي يصل إليها المسلمون بإسلامهم، وهذه الصفات ليست متباينة، وإنما هي مترابطة متآخية، ولا تتحقق- بصدق- إحداها إلا إذا تحققت أخواتها، فلا إيمان بدون تقوى، والعبادة جوهرهما، والإنابة تضفي عليهما حيوية العقيدة، وعمق تأثيرها.

وأكثر هذه الصفات ارتباطا بالذكر والتذكر صفة التقوى؛ لأنها تقوم على مراقبة الله وخشيته، ومن هنا كان المتقون أكثر الناس ذكرا لله وتذكرا لآياته.

ففي ارتباط الذكر بالتقوى وردت ثماني آيات تؤكد أن التذكر صفة لازمة للتقوى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا} (١)، {إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى} (٢)

وجاءت ثلاث آيات تؤكد ارتباط التذكر بعقيدة الإيمان وهي [١٢ / هود، ٥١ / العنكبوت، ١٥ / السجدة].

وفي علاقة الإنابة بالذكر، يقول تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ} (٣)، {تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ} (٤).

وفي ارتباط العبادة بالذكر يقول تعالى: {رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ} (٥).

والذاكر هو الذي يتذكر، وهذا الارتباط لغوي وقرآني أيضا، إذ يقول تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} (٦).


(١) سورة الأعراف الآية ٢٠١
(٢) سورة طه الآية ٣
(٣) سورة غافر الآية ١٣
(٤) سورة ق الآية ٨
(٥) سورة الأنبياء الآية ٨٤
(٦) سورة هود الآية ١١٤