للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذه (١) القراءات التي يتغاير فيها المعنى كلها حق، وكل قراءة منها مع القراءة الأخرى بمنزلة الآية مع الآية، يجب الإيمان بها كلها، واتباع ما تضمنه من المعنى علما وعملا، لا يجوز ترك موجب إحداهما لأجل الأخرى ظنا أن ذلك تعارض، بل كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: " من كفر بحرف منه فقد كفر به كله " (٢).

وأما ما اتحد لفظه ومعناه، وإنما يتنوع صفة النطق به، كالهمزات والمدات والإمالات ونقل الحركات والإظهار والإدغام والاختلاس وترقيق اللامات والراءات أو تغليظها، ونحو ذلك مما تسمى القرأة عامته الأصول، فهذا أظهر وأبين في أنه ليس فيه تناقض ولا تضاد مما تنوع فيه اللفظ أو المعنى.

إذ هذه الصفات المتنوعة في أداء اللفظ لا تخرجه عن أن يكون لفظا واحدا ولا يعد ذلك فيما اختلف لفظه واتحد معناه، أو اختلف معناه من المترادف ونحوه، ولهذا كان دخول هذا في حرف واحد من الحروف السبعة التي أنزل القرآن عليها؛ مما يتنوع فيه (٣) اللفظ أو المعنى وإن وافق رسم المصحف وهو ما يختلف فيه النقط (٤) أو الشكل.

ولذلك لم يتنازع علماء الإسلام المتبوعون من السلف والأئمة في أنه لا يتعين أن يقرأ بهذه القراءات المعينة في جميع أمصار المسلمين، بل من ثبت عنده قراءة الأعمش شيخ حمزة، أو قراءة يعقوب بن إسحاق الحضرمي ونحوهما، كما ثبت عنده قراءة حمزة والكسائي - فله أن يقرأ بها بلا نزاع بين العلماء المعتبرين المعدودين من أهل الإجماع والخلاف.


(١) في الأصل (وهذه) والتعديل من (ف).
(٢) ورد النص في المرشد الوجيز ص٨٦ وفيه (جحد) بدل (كفر).
(٣) العبارة في (ف) ١٣/ ٣٩٢ " من أولى ما يتنوع فيه ".
(٤) في الأصل (اللفظ) والتصويب من (ف).