ويقدمون لها القرابين ويسمون السيدة زينب رئيس الديوان. ولقد صدق فيهم قول الشاعر الذي رأى وسمع:
ورأيت في روما كنيسة بطرس ... تبلي الشفاه بها حديد الباب
ورأيت في طنطا ضراعة قائل ... يا أيها البدوي فرج ما بي
أظن أنه لا يوجد شرك أكثر من هذا الشرك وضلال فوق هذا الضلال.
وفي بلاد اليمن يوجد مثل ذلك وأكثر منه. فعندهم قبر الهادي والبرعي وابن علوان وغيرهم من الأحياء والأموات الذين يعظمونهم ويقدمون لهم القرابين والذبائح ويطلبون منهم العون والمدد.
وفي بلاد الشام ما يفوق هذا كله، وما يتجاوز الحصر من عبادة القبور وأصحاب القبور وطلب الشفاعة والاستغاثة عندهم ومنهم.
وفي العراق كذلك ترى القبور الكثيرة التي يؤمها الناس لطلب الخير والمنفعة، كقبر الإمام أبي حنيفة ومعروف الكرخي ومشهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقد جعلت منه الرافضة وثنا يعبد من دون الله، يخشعون في حضرته أكثر مما يخشعون لله ويتوجهون له بالعبادة والدعاء من دون الله، ويحلفون بالله كذبا ولا يحلفون به كذبا أبدا؛ لأنهم يزعمون أن عنده مفاتح الغيب، ولهذا يقولون إن زيارته أفضل من سبعين حجة، وكذلك مشهد الحسين رضي الله عنه، فنرى عنده من يلطم الخدود ويشق الجيوب ويرفع صوته بالبكاء والعويل ولبس السواد وغير ذلك من هذه المنكرات التي تخرج بهم عن الإسلام.
هذا وفي جميع البلاد العربية والإسلامية نرى هذه الفتن وتلك الضلالات وهذه البدع والخرافات والشرك بالله سبحانه وتعالى.
ولهذا كان لا بد من ظهور رجل قوي وداعية شجاع ليأخذ بيد الناس إلى ما فيه الخير والفلاح، ولا يخشى في ذلك أميرا أو حاكما، ولا يخاف قتلا أو نفيا أو سجنا أو تشريدا.
فكان من فضل الله ورحمته بعباده أن ظهر الداعية الكبير، عبقري العصر وإمام الجيل وأستاذه الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الذي عرفهم الطريق وأوضح لهم الحلال من الحرام، وصحح لهم العقيدة وطهرهم من الشرك والأوثان.