للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويأسرون، وكان من خذلان الله لهم أن الواحد من المسلمين كان يأسر عشرين أو عشرة، ويوقفهم بين يدي الإمام فيأمر بقتلهم حتى امتلأت الأرض من القتلى، وسار الإمام بجيوشه إلى صمبر كوري، وباتوا بها ليلة الأربعاء مستهل رجب سنة ٩٣٥ هـ، وأما ملك الحبشة فإنه قدم إلى بادقي وعلم بكسرة المسلمين فيها فانطلق بجيوشه وراءهم حتى التقى مع الإمام في موقعة صمبر كوري، وكانت أكبر موقعة بين طرفين غير متكافئين عدة وعددا، وقد ذكر البطريق أزماج حيبي - بعد إسلامه - أن عدد خيل ملك الحبشة الذين شهدوا الموقعة كان ستة عشر ألف فارس كلها ملبسة من خيول الريف العربية، وأما الخيول الحبشية فلا تعد ولا تحصى، وعدد الرجالة رماة القسي المسمومة وأصحاب الحراب فكان أكثر من مائتي ألف، وثبت المسلمون أمام جحافل الحبشة وصدقوا ما عاهدوا الله عليه فكان النصر إلى جانبهم، وقتل عدد كبير من الأحباش لا يعلم عدده إلا الله، كان فيهم كبار بطارقة الحبشة، كذلك قتل عدد كبير من المسلمين فيه بعض القادة، وقد وصف المؤلف هذه الوقعة وصفا تفصيليا لأنه حضرها، وقال: لما انهزمت الكفرة وأعطى الله النصر للمسلمين قال الإمام أحمد يومئذ لأصحابه: الآن قد نصرنا الله عليهم وأذلهم، والآن نسير إلى بادقي في موضع مساكن الملك وبيوته ونخربها، ونجلس في الحبشة ونفتح البلاد، فقالوا: يا إمام المسلمين قد ترى الآن ما نزل بنا، وقد قتل كثير من عسكرنا، والجروح فاشية فينا، وقل زادنا، والآن تنزل بنا إلى بلادنا تترتب ونرتب عسكرنا وتغزو مرة أخرى، فحينئذ نزل بهم إلى بلادهم وأقام شعبان ورمضان ونصف شوال.