للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو نهر كبير جار، وأسر كثيرا من البطارقة، وانتصر الإمام في ثلاثين من فرسانه على جيش للحبشة مؤلف من ستمائة فارس بقيادة البطريق الأكبر رأس بنيات في موقعة "بوسي " وهو نهر من تحت " أواولده " يقول المؤلف: إن الأحباش حاصروا الإمام ولزموا عليه الجبل ورموا المسلمين بالحجارة وهم يستترون منها بالشجر، وأيقن الإمام أحمد وأصحابه أن قيامتهم ومحشرهم في ذلك المكان.

والكفرة يقولون للإمام: أما يكفيك ما أكلت وما فعلت؟! واليوم قد وقعت بيننا ولا يكون لك مخرج، والمسلمون قد سلموا أمرهم إلى الله، والإمام ساكت لا يرد عليهم جوابا، فاشتور المسلمون فيما بينهم وقالوا للإمام: كيف نفعل الآن؟ فقال لهم: تسلمون أمركم إلى الله، ونستعين بالله عليهم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ثم قال لهم: أنا وأنتم في هذا الأمر سواء فاستعينوا بالله على أعداء الله وقاتلوا عن دينكم وشرعكم، فمن قتل منا صار إلى الجنة ومن عاش عاش سعيدا، وقال أحد جنود الإمام: هؤلاء الكفرة قربوا إلينا، ما تقول؟ نقاتلهم قبل أن يقتلونا؟ وكان مع المسلمين بندقية واحدة وضاربها رجل يسمى عثمان، قال: فحررها وضربها على مقدم الرجالة فقتله، وحينئذ كبر المسلمون تكبيرة واحدة، فأجابهم الشجر والحجر، والجبل والمدر وحملوا حملة رجل واحد واقتتلوا قتالا شديدا فانهزم البطريق رأس بنيات، وانهزم أصحابه وصدقهم المسلمون بالضرب والطعن وقتل من الكفرة ناس كثير، ولم يقتل من المسلمين أحد، وقال رأس بنيات لأصحابه: إلى أين تفرون وماذا يكون عذرنا عند الملك إذا قال: عشرون فارسا من المسلمين يهزمونكم وأنتم ستمائة فارس ورجالتكم لا تحسب، وعاد إلى جيش الإمام ولكن ألقى الله الرعب في قلوب الكفرة فولوا الأدبار عند اللقاء، وقتل منهم ناس كثير أيضا، وفرح المسلمون بالنصر والظفر وغنموا غنائم كثيرة من الخيل والبغال والدروع والخيام وآلات الحرب، وحط الإمام في بلد يسمى " غفة أوا ولده " وهي قرية البطريق " بلوا " فدخل المسلمون بيته وأذنوا فيه وصلوا، وبقي الإمام في بيت بلوا ستة أيام وتفرقوا في البلاد المجاورة يغيرون فيقتلون ويأسرون ويغنمون.

وعزم الإمام على أن يقيم في أرض الحبشة ويواصل فتحها، ولكن العسكر وبعض القادة حسنوا للإمام العودة إلى بلاد المسلمين فوافقهم، فعادوا وقد غنموا