للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النضير، فأثبت محمد بن مسلمة أن ولاءه للإسلام وحده لا لأعداء الإسلام حتى ولو كانوا من حلفائه المقربين إلى قومه، وبذلك حلت مثل الإسلام مكان تقاليد الجاهلية، وكان ما فعله محمد بن مسلمة اختبارا عمليا لإيمانه العميق بالمثل الإسلامية الجديدة وتخليه نهائيا عن تقاليد الجاهلية البالية.

٤ - وفي غزوة " دومة الجندل "، تفرق المشركون، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بساحتهم، فلم يجد بها أحدا، فأقام بها أياما وبث السرايا وفرقها حتى غابوا عنه يوما ثم رجعوا إليه، ولم يصادفوا منهم أحدا، إلا أن محمد بن مسلمة أخذ رجلا منهم، فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن أصحابه فقال: " هربوا أمس حيث سمعوا بأنك قد أخذت نعمهم " فعرض عليه رسول صلى الله عليه وسلم الإسلام أياما، فأسلم الرجل، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة (١).

٥ - وشهد محمد بن مسلمة الخندق، (٢) فأقبل خالد بن الوليد في ليلة من ليالي تلك الغزوة في مائة فارس، أقبلوا حتى وقفوا وجاه قبة النبي صلى الله عليه وسلم، فأنذر محمد بن مسلمة قائد حرس النبي صلى الله عليه وسلم عباد بن بشر، وأقبل خالد في ثلاثة نفر هو رابعهم، فقال: " هذه قبة محمد! ارموا. . ارموا. " فقاومهم محمد بن مسلمة، حتى وقف ومن معه من المسلمين على شفير الخندق، وخالد ومن معه بشفير الخندق من الجانب الآخر، حتى ردهم المسلمون ولم ينالوا خيرا (٣) وذكر محمد بن مسلمة أنه كان مع قسم من المسلمين حول قبة رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرسونه، إذ وافت أفراس على (سلع)، فبصر بهم عباد بن بشر، فأخبرهم بهم، فمضى إلى الخيل، وعباد قائم على باب قبة النبي صلى الله عليه وسلم، آخذا بقائم السيف ينتظر عودة محمد بن مسلمة إلى موضعه


(١) مغازي الواقدي (١/ ٤٠٣ - ٤٠٤)
(٢) طبقات ابن سعد (٣/ ٤٤٣).
(٣) مغازي الواقدي [٢/ ٤٦٧ - ٤٦٨].