للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٦ - بني قريظة - وفي غزوة بني قريظة من يهود، كان محمد بن مسلمة أحد فرسان المسلمين، (١) وقد ذكر أن المسلمين حاصروهم قبل الفجر، وجعلوا يدنون من الحصن ويرمونهم عن كثب، ولزموا حصونهم لا يفارقونها حتى حل المساء، والنبي صلى الله عليه وسلم يحضهم على الجهاد والصبر. وبات المسلمون حول حصون يهود حتى تركوا قتال المسلمين وطلبوا أن يفاوضوا النبي صلى الله عليه وسلم، فوافق النبي صلى الله عليه وسلم على المفاوضة، فأنزلوا نباش بن قبس أحدهم، فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة، وقال: " يا محمد انزل على ما نزلت عليه بنو النضير: لك الأموال والسلاح، وتحقق دماءنا ونخرج من بلادكم بالنساء والذراري، ولنا ما حملت الإبل إلا السلاح "، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: " ولا حاجة لنا فيما حملت الإبل " فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، إلا أن تنزلوا على حكمي (٢).

واشتد حصار المسلمين لبني قريظة، «وكان محمد بن مسلمة على حرس النبي صلى الله عليه وسلم، فمر بالحرس عمرو بن سعدى الذي لم يشايع بني قومه من يهود على نقضهم عهودهم، فقال ابن مسلمة: " من هذا؟ " فقال: " عمرو بن سعدى " فقال ابن مسلمة: " مر! اللهم لا تحرمني من إقالة عثرات الكرام "، فخلى سبيله، وخرج حتى أتى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبات به حتى أصبح، فلما أصبح غدا فلم يدر أين هو حتى الساعة، فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فقال: " ذلك رجل نجاه الله بوفائه (٣)».


(١) انظر أسماء الفرسان المسلمين في مغازي الواقدي (٢/ ٤٩٨)
(٢) انظر تفاصيل المفاوضات في مغازي الواقدي (٢/ ٥٠١ - ٥٠٣).
(٣) مغازي الواقدي (٢/ ٥٠٤) والدرر (١٩١).