للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذلك عن سعد بن أبي وقاص، وأن الناس يسمون داره قصر سعد! فدعا محمد بن مسلمة وأرسله إلى الكوفة وقال له: اعمد إلى القصر حتى تحرق بابه، ثم ارجع عودك على بدئك " (١).

وخرج محمد بن مسلمة من المدينة إلى الكوفة، فلما قدم الكوفة اشترى حطبا، ثم أتى دار سعد، فأحرق الباب (٢).

وأتي سعد، فأخبر الخبر، فقال: " هذا رسول أرسل لهذا الشأن "، وبعث لينظر من هو الذي حرق باب داره، فإذا هو محمد بن مسلمة، فأراده على النزول والدخول، فأبى فعرض عليه نفقة، فلم يأخذ شيئا.

وخرج سعد إلى محمد بن مسلمة، فدفع ابن مسلمة كتاب عمر إلى سعد: " بلغني أنك بنيت قصرا اتخذته حصنا، يسمى: قصر سعد، وجعلت بينك وبين الناس بابا، فليس بقصرك ولكنه قصر الخبال، انزل منه منزلا مما يلي بيوت الأموال وأغلقه، ولا تجعل على القصر بابا تمنع الناس من دخوله وتنفيهم به عن حقوقهم ليوافقوا مجلسك ومخرجك من دارك إذا خرجت "، فحلف سعد ما قال الذي قالوا!!

ورجع محمد بن مسلمة من الكوفة إلى المدينة، حتى إذا دنا من المدينة نفذ زاده، فجعل يأكل قشر الشجر، فأقبل على عمر وقد مرض لسبب ذلك، فأخبره خبره كله، فقال عمر: " هلا قبلت من سعد!؟ " فقال محمد بن مسلمة: " لو أردت ذلك، كتبت لي به، أو أذنت لي فيه " فقال عمر: " إن أكمل الرجال رأيا من إذا لم يكن عنده عهد من صاحبه، عمل بالحزم أو قال به ".

وأخبر ابن مسلمة عمر بن الخطاب رضي الله عنهما بيمين سعد، وقوله، فقال عمر: " هو أصدق ممن روى عليه وممن أبلغني "، وقد حدث ذلك سنة سبع عشرة الهجرية (٦٣٨) م.


(١) الطبري (٤/ ٤٧).
(٢) ابن الأثير (٢/ ٥٢٩).