لقد بذل محمد بن مسلمة قصارى جهده ليحول دون الفتنة، ووقف مواقف شجاعة مخلصة ليقول كلمة الحق أما الحشود الغاضبة، وبخاصة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، حين صدق عثمان في روايته عن النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الحشود ملعونة، فاعتدت تلك الحشود على عثمان وهو على المنبر حتى فقد وعيه وحمل إلى داره، فما سكت ابن مسلمة عن الحق ولا خشي غضبة الحشود عليه، وما قصر في نصح عثمان ولا في نصح تلك الحشود، ولكن الفتنة كانت أقوى من محاولاته ومحاولة غيره من المؤمنين الصادقين، ويبدو أن الأيدي الخفية التي لا تريد خير المسلمين هي التي كانت تحرك بمهارة تلك الحشود، فانهارت محاولات ابن مسلمة المخلصة الداعية الدائبة، وحققت الأيدي الخفية من أعداء الإسلام أهدافها في تفرقة كلمة المسلمين وإشاعة الفتنة بينهم، وأنهت حياة عثمان رضي الله عنه فمضى مظلوما شهيدا، وتفرقت تلك الحشود إلى أمصارها لتزرع بذور الفتنة شرقا وغربا، وأقبلت الفتن كقطع الليل المظلم، وتوقف الفتح الإسلامي، وأصبحت سيوف المسلمين عليهم لا على أعدائهم.