للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رهقوه قال: من يردهم عنا وله الجنة، أو هو رفيقي في الجنة؟ فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل، ثم رهقوه أيضا فقال: من يردهم عنا وله الجنة، أو هو رفيقي في الجنة؟ فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل. فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحبيه: ما أنصفنا أصحابنا (١)».

وروى البخاري عن سعيد بن المسيب أنه قال: قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: «جمع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد بين أبويه كليهما يريد حين قال: فداك أبي وأمي وهو يقاتل (٢)».

وروى البخاري أيضا عن علي رضي الله عنه قال: «ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم جمع أبويه لأحد إلا لسعد بن مالك فإني سمعته يقول يوم أحد: يا سعد ارم فداك أبي وأمي (٣)». وقاتل عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضا مصعب بن عمير وعلي بن أبي طالب وآخرون من المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم حتى قضى بعضهم نحبه.

وفي الموضوع أحاديث وآثار اكتفينا عن إيرادها بما ذكرنا؛ لكونها في معناه.

مما تقدم يتبين أن الإيثار المحمود شرعا يمكن أن يضبط بما أباح الشرع البذل في جنسه (٤) كالأموال ومنافع الأبدان وثمار الأفكار ونحو ذلك مما هو من حظوظ النفس ومتعها، أو أوجب بذل النفس فيه كالجهاد في سبيل الله نصرة للدين وإقامة لحدوده وإحياء لمعالمه، ومع ذلك لا يسلم نفسه لعدوه، ولا يستسلم للأحداث، بل يستعد بما استطاع من قوة ليحفظ نفسه وإخوانه، وليكون سيف الله المسلول على


(١) صحيح مسلم الجهاد والسير (١٧٨٩)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٢٨٦).
(٢) صحيح البخاري المغازي (٤٠٥٧)، صحيح مسلم فضائل الصحابة (٢٤١٢)، سنن الترمذي الأدب (٢٨٣٠)، سنن ابن ماجه المقدمة (١٣٠)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ١٨٦).
(٣) صحيح البخاري المغازي (٤٠٥٩)، صحيح مسلم فضائل الصحابة (٢٤١١)، سنن الترمذي الأدب (٢٨٢٩)، سنن ابن ماجه المقدمة (١٢٩)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٩٢).
(٤) أو حث عليه ورغب فيه.