للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوارد عليه أن الذي يغلبه لضعفه علامته ألا يمد غيره، وقصاراه على نفسه والذي يغلبه الحال لقوته علامته أن يمد غيره، وأقوى من ذلك أن يسلبه ما أعطاه، وذلك هو الكامل الذي يعطي ويسترد، وكل شيء بقضاء وقدر، وقد شاهدناه غير ما مرة فعل ذلك مع بعض الإخوان لسوء أدبهم ولموجب آخر. . . إلخ.

هذا وإن ما اشتملت عليه هذه الكلمات من الغلو الفاحش والشرك الفاضح لغني عن البيان، وقد تجاوز به قائله حدا لا يقبل معه تأويل، ولا ينفع معه اعتذار، اللهم إلا إذا قيل إنه صدر من قائله في حال سلب فيها عقله، وصار إلى حال لا يحمده عليها، ولكن معظموه لا يرون ذلك ولا يقبلونه بل يرونه محمدة له وكرامة.

ثم ذكر عن أحمد التجاني أن كلامه يحوم حول الفناء ووحدة الوجود وأن شعور الولي بوجود نفسه يعتبر شركا.

وقال في وصفه أحمد التجاني (١) وحديثه عنه " وكثيرا ما يقرر هذا المعنى ويدل عليه، ويرشد بحاله ومقاله إليه، وينشد بحاله على سبيل التمثيل - أنا معي بدر الكمال، حيث يميل قلبي يميل، وذلك بأنه قد محا السوى فلا يشاهد مع الله غيرا، ولا يرى لسواه نفعا ولا ضرا، بل يشاهد الفعل من الله وأنه هو المتصرف والدال بفعله عليه والمتعرف، وأن أفعاله كلها مصحوبة بالحكمة، محفوفة بالرحمة، ويرى الخلق كالأواني المسخرة في يد غيره ويعد شهود الإنسان نفسه اثنينية ويتمثل بلسان حاله ويقول:

إذا قلت ما أذنبت قالت مجيبة ... وجودك ذنب لا يقاس به ذنب.


(١) ص٦١ - ٦٢ من ج١ من جواهر المعاني