نقول: إنما سماها بدعة باعتبار ظاهر الحال من حيث تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم واتفق أن لم تقع في زمان أبي بكر رضي الله عنه لا أنها بدعة في المعنى: فمن سماها بدعة بهذا الاعتبار فلا مشاحة في الأسامي بسند ذلك فلا يجوز أن يستدل على جواز الابتداع بالمعنى المتكلم فيه أو أن يقال: سماها عمر بدعة بالمعنى اللغوي (١) وحسب.
وأخيرا اتضح لنا أن الفريقين متفقان على أن البدعة المذمومة هي تلك التي لا أصل لها في الشريعة من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس ولا أصل معتبر مما يقصد به التقرب إلى الله فهي بدعة ذميمة، أما ما عدا هذه البدعة مما وجد بعد عهد النبوة فهذا يسميه الفريق الأول بدعا إما مشروعة وإما ممنوعة حسب ما تؤدي إليه.
في حين لا يسميها الفريق الثاني بدعا بل يدرجها تحت ما يناسبها من قواعد الشريعة الكلية كالمصالح المرسلة أو الاستحسان أو ما لا يتم الواجب إلا به.
أو سد الذرائع أو نحو هذا.
المهم أنهما متفقان على منع ما أحدث في الدين مما لا أصل له في الشريعة وهو البدعة المذمومة.
ولكل منهما في منحاه وجهة نظر أقل ما يقال عنها إنها اصطلاح ولا مشاحة في الاصطلاح والله سبحانه وتعالى أعلم.
(١) نفس المصدر ١٩٤/ ١ ومجموع الفتاوى لابن تيمية ٣٧١/ ١٠و ٣١٨ / و ٣١٩/ ٢١.