للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على ما عمل عليه الصحابة وجد ذلك في الكتاب أو السنة أو لم يوجد لكونه اتباعا لسنة ثبتت عندهم لم تنقل إلينا أو اجتهادا مجتمعا عليه منهم أو من خلفائهم؛ فإن إجماعهم إجماع وعمل خلفائهم راجع أيضا إلى حقيقة الإجماع، إذا حملوا الناس عليه والتزمه الجميع وسار وافيه بدون نكير، فهذا يدل على إجماعهم عليه (١) اهـ. وعلى هذا فلا وجه لتسمية صلاة التراويح بدعة حسنة من فعل عمر. يتذرع بها أهل الرأي والاستحسان الخاطئ والمبتدعة ويؤيدون بها آراءهم الضالة.

أما تسمية أمير المؤمنين عمر هذا العمل بدعة، فالجواب عنه: أنه إنما سماها بدعة باعتبار ظاهر الحال من حيث تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم، واتفق أن لم تقع في زمان أبي بكر رضي الله عنه، لا لأنها بدعة في المعنى. فمن سماها بدعة لهذا الاعتبار فلا مشاحة في الأسامي وعند ذلك فلا يجوز أن يستدل بها على جواز الابتداع بالمعنى الشائع. لأنه تحريف للكلم عن مواضعه (٢).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ما سمي بدعة وثبت حسنه بأدلة الشرع فأحد الأمرين فيه لازم: إما أن يقال: ليس ببدعة في الدين، وإن كان يسمى بدعة من حيث اللغة، كما قال عمر: (نعمت البدعة هذه). وإما أن يقال: هذا عام خصت منه هذه الصورة لمعارض راجح، فيبقى فيما عداها على مقتضى العموم كسائر عمومات الكتاب والسنة (٣). اهـ والعموم الذي يشير إليه شيخ الإسلام هو ما يستفاد من الأحاديث الواردة في ذم البدع، كقوله صلى الله عليه وسلم «كل بدعة ضلالة (٤)».


(١) الموافقات ٥/ ٤.
(٢) انظر الاعتصام ١٩٤/ ١.
(٣) مجموع الفتاوى ٣٧٠/ ١.
(٤) صحيح مسلم الجمعة (٨٦٧)، سنن النسائي صلاة العيدين (١٥٧٨)، سنن ابن ماجه المقدمة (٤٥)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣١١)، سنن الدارمي المقدمة (٢٠٦).