٦ - وهذه المفاسد التي ذكرنا طرفا منها تعارض المحاسن التي ذكروها، وإذا وجد مفاسد ومصالح يقدم العمل بدرء المفاسد على جلب المصالح، كما هو معلوم في الأصول.
الرد على ما احتج به مروجو هذه البدعة:
١ - ما قيل من أن هذه البدعة سبب لحمل الناس على فعل الخير فهذا لأن الله لم يجعل شفاء هذه الأمة فيما حرم عليها. فالوصول إلى الخير لا يكون بوسيلة محرمة لأن تلاوة القرآن والصدقات والتذكير بمعجزات الرسول صلى الله عليه وسلم هي من أمور الخير ولكنها جاءت في وقت ومكان غير مشروعين؛ لأنها عبادات والأصل في العبادات التوقيف يتبع فيها صاحب الشرع ولا يبتدع. فمثل هذه الأعمال الخيرة مثل الصلاة إذا جاءت في غير وقتها بقصد التعبد فإنها مردودة على صاحبها.
ثم إن هذا اجتهاد فيما لا يجوز فيه الاجتهاد فيرد. ثم إن هذه المحاسن معارضة بما ذكرنا من المساوئ فتسقط هذه وتقدم تلك عملا بالقاعدة الأصولية " درء المفاسد مقدم على جلب المصالح " كما ذكرنا قريبا.
٢ - أما الدليل الثاني وهو حديث صوم عاشوراء شكرا لله. فلا دليل فيه على المدعي؛ لأن ما يدل عليه هو العمل بشيء سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا لا خلاف فيه؛ لأنه وحي من عند الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فثبوته ليس استحسانا ولا ابتداعا حتى يقال بأنه دليل على أن نستحسن أو نبتدع. بل الذي ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (١)» رواه مسلم.
(١) صحيح مسلم الأقضية (١٧١٨)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ١٨٠).