يقطعها، ثم نجار ينشر خشبها، ثم مسامير ومطرقة، ليجمع من أعوادها قاربا، ثم عمال يحركون المجاديف لتجتاز بك النهر حتى تصل إلينا.
فقال الشيخ: إذا كيف تقول: إن المصنوع في هذه الحياة ليس له صانع يوجده من العدم، فما دام لا بد من عامل يعمل، ونجار يصنع من أجل إصلاح قارب؛ فلا بد إذا لهذا الكون من خالق يدبره وهو الله جل وعلا. فالأشياء لا توجد نفسها. فسكت الملحد وانخذل.
- أما الثانية فهي قصة أبي حنيفة رحمه الله مع جاره اليهودي الذي آذاه بفتح بيت الخلاء عليه ليؤذيه بالرائحة الكريهة، فصبر الإمام أبو حنيفة عليه خمسة عشر عاما أداء لحق الجوار، مع أنه قادر بكلمة واحدة لأمير المؤمنين أن ينتقم من هذا اليهودي شر انتقام، وكان أن مرض أبو حنيفة فزاره اليهودي من جملة من زاره، وقد تعمد أن يضع يده على أنفه إظهارا للاستياء مما يشم، وبعد أن جلس عند أبي حنيفة، قال له: منذ متى وهذه الرائحة الكريهة عندكم؟ فقال: منذ جاورتنا، منذ خمسة عشر عاما. فقال اليهودي: وقد صبرت من ذلك التاريخ؟ قال: نعم. لأن ديننا يأمرنا بحسن الجوار. فبهت اليهودي، ثم قال: دين هذه أخلاق علمائه فإنه خير دين، أشهدك أنني أسلمت، ونطق بالشهادتين، ومن هذا كله ندرك علاقة النصرانية واليهودية بموجة الإلحاد السائدة في هذا العصر وحرصهما على مباعدة المسلمين عن دينهم.
نسأل الله السلامة والعافية لأمة الإسلام وأبناء المسلمين، وأن يرزقهم التفقه في دينهم، ومعرفة الحق حقا ويرزقهم اتباعه، والباطل