للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالجواب عن ذلك أن يقال: هذا صحيح، لكن كان النساء في مؤخرة المساجد مع الحجاب والعناية والتحفظ مما يسبب الفتنة، والرجال في مقدم المسجد فيسمعن المواعظ والخطب، ويشاركن في الصلاة، ويتعلمن أحكام دينهن مما يسمعن ويشاهدن، «وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- في يوم العيد يذهب إليهن بعدما يعظ الرجال فيعظهن ويذكرهن؛ لبعدهن عن سماع خطبته» وهذا كله لا إشكال فيه ولا حرج فيه، وإنما الإشكال في قول مدير جامعة صنعاء -هداه الله وأصلح قلبه وفقهه في دينه-: (ولذلك فإن التعليم لا بد أن يكون في مكان واحد) فكيف يجوز له أن يشبه التعليم في عصرنا بصلاة النساء خلف الرجال في مسجد واحد مع أن الفرق شاسع بين واقع التعليم المعروف اليوم وبين واقع صلاة النساء خلف الرجال في عهده صلى الله عليه وسلم؟ ولهذا دعا المصلحون إلى إفراد النساء عن الرجال في دور التعليم، وأن يكن على حدة والشباب على حدة حتى يتمكن من تلقي العلم من المدرسات بكل راحة من غير حجاب ولا مشقة؛ لأن زمن التعليم يطول بخلاف زمن الصلاة، ولأن تلقي العلوم من المدرسات في محل خاص أصون للجميع وأبعد لهن من أسباب الفتنة، وأسلم للشباب من الفتنة بهن، ولأن انفراد الشباب في دور التعليم عن الفتيات مع كونه أسلم لهم من الفتنة، فهو أقرب إلى عنايتهم بدروسهم وشغلهم بها وحسن الاستماع إلى الأساتذة وتلقي العلم عنهم بعيدين عن ملاحظة الفتيات والانشغال بهن، وتبادل النظرات المسمومة والكلمات الداعية إلى الفجور.

وأما زعمه -أصلحه الله- أن الدعوة إلى عزل الطالبات عن الطلبة تزمت ومخالف للشريعة، فهي دعوة غير مسلمة، بل ذلك هو عين النصح لله ولعباده والحيطة لدينه، والعمل بما سبق من الآيات القرآنية والحديثين الشريفين، ونصيحتي لمدير جامعة صنعاء أن يتقي الله عز وجل، وأن يتوب إليه سبحانه مما صدر منه، وأن يرجع إلى الصواب والحق؛ فإن الرجوع إلى ذلك هو عين الفضيلة، والدليل على تحري طالب العلم للحق والإنصاف، والله المسئول سبحانه أن يهدينا جميعا سبيل الرشاد، وأن يعيذنا وسائر المسلمين من القول عليه بغير علم، ومن مضلات الفتن ونزغات الشيطان، كما أسأله سبحانه أن يوفق