الناس هنا حرام، لكن قد جعله النبي -صلى الله عليه وسلم- من أكبر الكبائر؛ لكونه شتما لوالديه؛ لما فيه من العقوق، وإن كان فيه إثم من جهة إيذاء غيره.
(الثالث): أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكف عن قتل المنافقين مع كونه مصلحة؛ لئلا يكون ذريعة إلى قول الناس: إن محمدا -صلى الله عليه وسلم- يقتل أصحابه؛ لأن هذا القول يوجب النفور عن الإسلام ممن دخل فيه وممن لم يدخل فيه، وهذا النفور حرام.
(الرابع): أن الله سبحانه حرم الخمر؛ لما فيه من الفساد المترتب على زوال العقل هذا في الأصل ليس من هذا الباب. ثم إنه حرم قليل الخمر وحرم اقتناءها للتخليل، وجعلها نجسة؛ لئلا تقضي إباحته مقاربتها بوجه من الوجوه لا لإتلافها على شاربها، ثم إنه قد نهى عن الخليطين، وعن شرب العصير والنبيذ بعد ثلاث، وعن الانتباذ في الأوعية التي لا نعلم بتخمير النبيذ فيها حسما لمادة ذلك. وإن كان في بقاء بعض هذه الأحكام خلاف. وبين صلى الله عليه وسلم أنه إنما نهى عن بعض ذلك؛ لئلا يتخذ ذريعة، فقال: «لو رخصت لكم في هذه لأوشك أن تجعلوها مثل هذه (١)». يعني صلى الله عليه وسلم أن النفوس لا تقف عند الحد المباح في مثل هذا.
(الخامس): أنه حرم الخلوة بالمرأة الأجنبية والسفر بها ولو في مصلحة دينية؛ حسما لمادة ما يحاذر من تغير الطباع وشبه الغير.
(السادس): أنه نهى عن بناء المساجد على القبور، ولعن من فعل ذلك ونهى عن تكبير القبور وتشريفها وأمر بتسويتها، ونهى عن الصلاة إليها وعندها، وعن إيقاد المصابيح عليها لئلا يكون ذلك ذريعة إلى اتخاذها أوثانا. وحرم ذلك على من قصد هذا ومن لم يقصده بل قصد خلافه سدا للذريعة.
(السابع): أنه نهى عن الصلاة عند طلوع الشمس وغروبها وكان من حكمة ذلك أنهما وقت سجود الكفار للشمس، ففي ذلك تشبيه بهم، ومشابهة الشيء لغيره ذريعة إلى أن يعطى بعض أحكامه، فقد يفضي ذلك إلى السجود للشمس أو أخذ بعض أحوال عابديها.