أن يجتهدوا في تطبيق القواعد الكلية المقررة لنص من الكتاب والسنة على أشخاص هذه الحوادث الطارئة عليهم، فبذلوا قصارى جهدهم ووقفوا نشاطهم على استنباط أحكام ما جد من مسائل دون أن يتجاوزوها إلى الافتراضيات.
وكان اجتهاد الصحابة - رضي الله عنهم - بمعناه الواسع، فقد نظروا في دلالة النصوص، وقاسوا واستحسنوا إلى غير ذلك من العمل بالأمارات وقرائن الأحوال، إلا أنهم كانوا يطلقون كلمة الرأي على ما يراه القلب بعد فكر وتأمل وطلب لمعرفة وجه الصواب فيما تتعارض فيه الأمارات.
وإذ هم يستعملون الرأي بمعناه الواسع لم يكونوا ليطلقوا على أضرب الاجتهاد مصطلحاته الأصولية التي عرفت فيما بعد، كالاستحسان والمصالح المرسلة، والقياس بأنواعه، وقاعدة سد الذرائع، وعموم البلوى ونحو ذلك.
وقد كان الاجتهاد في هذا العصر- كما أشرنا- مقصورا على استنباط الأحكام لما هو واقع، دون أن يلجئوا إلى الافتراضات، فلم يكونوا يفترضون مسائل لم تقع ثم يبحثون عن حكمها، كما سيأتي فيمن بعدهم.
وقد روي عن بعض الصحابة نهي الناس عن الخوض فيما لم يقع، ومن ذلك ما روي عن زيد بن ثابت رضي الله عنه، أنه كان إذا استفتي في