للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمر: أن خل سبيلها؛ فإني أخاف أن يقتدي بك المسلمون فيختاروا نساء أهل الذمة لجمالهن، وكفى بذلك فتنة لنساء المسلمين.

هذا هو أسلوبهم فيما كان يعرض عليهم من قضايا، وبه أوصوا قضاتهم الذين كانوا يبعثونهم إلى المدن والأمصار وذلك بعد أن فصلت مهمة القضاء من الولاية العامة في عهد الفاروق، وحين كثرت الأعمال في عهده، فقد أثر عنه رضي الله عنه أنه لما ولى شريحا الكندي قضاء الكوفة قال له:

اقض بما استبان لك من قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم أحله إن لم تجد ذلك على قضاء الأئمة المجتهدين بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم على الاجتهاد.

ومع استعمالهم رضي الله عنهم للرأي لم يجرؤ أحد منهم أن يجزم بأن ما وصل إليه هو حكم الله، وأنه الحق والصواب وأن ما عداه هو الخطأ، بل كان هديهم في هذا كما قال أبو بكر رضي الله عنه:

" أقول فيها برأيي، فإن كان صوابا فمن الله، وإن كان خطأ فمني " الخ (١).

ولما سئل ابن مسعود رضي الله عنه عن المفوضة التي ماتت قبل أن يدخل بها زوجها، قال: أقول فيها برأيي: "لها مهر المثل لا وكس ولا شطط، فإن يكن صوابا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه بريئان (٢)


(١) تلخيص الحبير ٣/ ٨٩.
(٢) نشأة الفقه لمحمد السايس ٢٤ وإعلام الموقعين ١/ ٦٣.