للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البدع ما يحرف السالك عن الصراط السوي، وأحاديث في باب الحلال والحرام، حتى كثر الوضع كثرة مزعجة مروعة بتصدع الوحدة الإسلامية، وظهور الفرق الدينية، فاستباح الشيعة لأنفسهم أن يضعوا الأحاديث التي تؤيد مذاهبهم، وكذلك الخوارج، وكثرت بعد ذلك الأسباب الحاملة على الوضع، ومما يدل على مبلغ الوضع في هذا الدور، أن ابن عباس رضي الله عنهما وهو المعروف بالرغبة في جمع الحديث والجد في طلبه يقول فيما يرويه مسلم: " إنما كنا نحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ لم يكن يكذب عليه، فلما ركب الناس الصعب والذلول تركنا الحديث عنه ".

وفي رواية عنه: إنما كنا نحفظ الحديث والحديث يحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما إذا ركبتم كل صعب وذلول فهيهات (١).

وعن مجاهد قال: جاء بشير العدوي إلى ابن عباس فجعل يحدث ويقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجعل ابن عباس لا يأذن (٢) لحديثه ولا ينظر إليه، فقال: يا ابن عباس: ما لي لا أراك تسمع لحديثي؟ أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسمع؟ فقال ابن عباس: " إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلا يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابتدرته أبصارنا وأصغينا إليه بآذاننا، فلما ركب الناس الصعب والذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف ".

وعن ابن أبي مليكة قال: كتبت إلى ابن عباس أسأله أن يكتب لي كتابا ويخفى عني فقال: " ولد ناصح أنا اختار له الأمور اختيارا أو أخفي عنه ". قال: " فدعا بقضاء علي فجعل يكتب منه أشياء ويمر به الشيء فيقول: والله ما قضى بهذا علي إلا أن يكون ضل ".


(١) ١/ ٦٧ صحيح مسلم بشرح النووي.
(٢) لا يأذن لحديثه أي لا يستمع إليه ولا يعيره سمعه