للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن ذلك الوقت تكون فرع من فروع الحديث هو علم الجرح والتعديل، وقد أجهد أئمة هذا العلم أنفسهم وترقبوا الوضاعين، وفضحوا عملهم، وحذروا من كل واحد باسمه، ولم يقبلوا مما حدثوا به شيئا، وبينوا أعيان الأحاديث التي وضعوها، والأغراض التي حملتهم على الوضع حتى سلم الله الشريعة بفضله ومنه من كيدهم.

وقد بدأ الكلام في الجرح والتعديل من عهد صغار الصحابة، فقد رويت أقوال من ذلك عن عبد الله بن عباس كما أسلفنا، وعن عبادة بن الصامت وأنس، وكثر القول في ذلك من التابعين ومن أقوالهم ما نذكر لبعضهم فيما يلي:

١ - قال عبد الله بن المبارك الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء. وقال أيضا: دعوا حديث عمرو بن ثابت؛ فإنه كان يسب السلف. ٢ - وحدث أبو عقيل صاحب بهية قال: كنت جالسا عند القاسم بن عبد الله ويحيى بن سعيد، فقال يحيى للقاسم: يا أبا محمد إنه قبيح على مثلك عظيم أن تسأل عن شيء من أمر هذا الدين فلا يوجد عندك منه علم ولا فرج أو علم ولا مخرج. فقال له القاسم: وعم ذاك؟ قال: لأنك ابن إمامي هدى ابن أبي بكر وعمر. قال يقول له القاسم: أقبح من ذلك عند من عقل عن الله أن أقول بغير علم أو آخذ عن غير ثقة. قال: فسكت فما أجابه.

٣ - قال يحيى بن سعيد: سألت سفيان الثوري وشعبة ومالكا وابن عيينة عن الرجل لا يكون ثبتا في الحديث فيأتيني الرجل فيسألني عنه قال: أخبر عنه أنه ليس ثبتا.

٤ - وقال شعبة: لقيت شهرا فلم أعتد به يعنى شهر بن حوشب أبا سعيد، ويقال أبو عبد الله وأبو عبد الرحمن وأبو الجعد الأشعري الشامي الحمصي وقيل الدمشقي (١)


(١) صحيح مسلم بشرح النووي ١/ ٧٣ - ٧٨.