والصنائع، وتولدت في العصر الحديث أنواع من الحقوق لم تكن معهودة كامتياز المؤلف والمخترع، وكل ذي أثر فني جديد في استثمار مؤلفاته، أو مخترعاته، أو آثاره الفنية مما سمي بالملكية الأدبية والصناعية، واحتاج أصحاب هذه الحقوق والامتيازات إلى بيعها والتنازل عنها لغيرهم من القادرين على استثمارها - إلى أن قال: واتسع مجال عقود الاستصناع في التعامل بطريق الإيصاء على المصنوعات مع المعامل والمصانع الأجنبية، وكذا عقود المتعهد بتقديم اللوازم والأرزاق والمواد الأولية إلى الدوائر الحكومية والشركات والمعامل والمدارس مما سمي " عقود التوريد " وكل ذلك يعتمد على المشارطات في شتى صورها.
وقد ازدادت أيضا قيمة الزمن في الحركة الاقتصادية فأصبح تأخر أحد المتعاقدين أو امتناعه عن تنفيذ التزاماته في مواعيدها المشروطة مضرا بالطرف الآخر في وقته وماله أكثر مما قبل. فلو أن متعهدا بتقديم المواد الصناعية إلى صاحب معمل تأخر عن تسليمها إليه في الموعد المضروب لتعطل العمل وعماله، ولو أن بائع بضاعة لتاجر تأخر في تسليمها حتى هبط سعرها لتضرر التاجر المشتري بخسارة قد تكون فادحة، وكذا تأخر الصانع عن القيام بعمله في وقته. وكل متعاقد إذا تأخر أو امتنع عن تنفيذ عقده في موعده.
ولا يعوض هذا الضرر القضاء على الملتزم بتنفيذ التزامه الأصلي؛ لأن هذا القضاء إنما يضمن أصل الحق لصاحبه وليس فيه جبر لضرر التعطيل أو الخسارة، ذلك الضرر الذي يلحقه من جراء تأخر خصمه عن وفاء الالتزام في حينه تهاونا منه أو امتناعا، وهذا قد ضاعف احتياج الناس إلى أن يشترطوا في عقودهم ضمانات مالية على الطرف الذي يتأخر عن تنفيذ التزامه في حينه، ومثل هذا الشرط يسمى في اصطلاح الفقه الأجنبي: الشرط الجزائي. اهـ.
وذكر الدكتور عبد الرزاق السنهوري تعريف الشرط الجزائي وسبب تسميته بذلك فقال:(١) يحدث كثيرا أن الدائن والمدين لا يتركان تقدير التعويض إلى القاضي كما هو الأصل، بل يعمدان إلى الاتفاق مقدما على تقدير هذا التعويض، فيتفقان على مقدار التعويض الذي يستحقه الدائن إذا لم يقم المدين بالتزامه، وهذا هو التعويض عن عدم التنفيذ أو على مقدار التعويض الذي يستحقه الدائن إذا تأخر المدين في تنفيذ التزامه، وهذا هو التعويض عن التأخير. هذا الاتفاق مقدما على التعويض يسمى بالشرط الجزائي، وسمي بالشرط الجزائي؛ لأنه يوضع عادة كشرط ضمن شروط العقد الأصلي الذي يستحق التعويض على أساسه. اهـ.
وفي الموسوعة العربية الميسرة ما نصه:" شرط جزائي ": اتفاق يقدر فيه المتعاقدان سلفا التعويض الذي يستحقه الدائن إذا لم ينفذ المدين التزامه أو إذا تأخر في تنفيذه. اهـ.
* * *
(١) الوسيط القسم الثاني نظرية الالتزام ص ٨٥١ ف ٤٧٧.