حتى تذوق العسيلة. وهذا الحديث المرسل حجة؛ لأن الذي أرسله احتج به. ولولا ثبوته عنده لما جاز أن يحتج به من غير أن يسنده. وإذا كان التابعي قد قال: إن هذا الحديث ثبت عندي. كفى ذلك؛ لأنه أكثر ما يكون قد سمعه من بعض التابعين عن صحابي أو عن تابعي آخر عن صحابي. وفي مثل ذلك يسهل العلم بثقة الراوي. وموسى بن أبي الفرات هذا ثقة وثقه يحيى بن معين، وذكر عن أبيه أبي حاتم أنه قال: هو ثقة وناهيك عما يوثقه هذان مع صعوبة تزكيتهما، ولا أعلم أحدا جرحه، وأما ابن أبي شيبة وحميد بن عبد الرحمن الذي روى عنه ويعرف بالراوي من مشاهير العلماء الثقاة، وابن أبي شيبة أحد الأئمة، فهذا المرسل حجة جيدة في المسألة.
ثم إن الحديث الضعيف إذا روي من طريق آخر عضد أحدهما الآخر، فكان في ذلك دليل على أن للحديث أصلا محفوظا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فصح الاحتجاج به على أن الحديث روي من طريق آخر إسناده جيد ورجاله مشاهير ثقاة، فقد روى وكيع بن الجراح، عن أبي غسان المدني، عن عمر بن نافع، عن أبيه، أن رجلا سأل ابن عمر عمن طلق امرأته ثلاثا فتزوجها هذا السائل من غير مؤامرة منه، أتحل لمطلقها؟ قال ابن عمر: لا إلا نكاح الرغبة، كنا نعده سفاحا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهذا الحديث نص في أن التحليل المكتوم كانوا يعدونه على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سفاحا.