مع عدم اعتقاد حقائقها التي شرعت هذه الأسباب لها، كما أن استهزاء المنافقين أنهم {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ}(١) فيأتون بكلمة الإيمان غير معتقدين حقيقتها بل مظهرين خلاف ما يبطنون، فكل من أتى بالرجعة غير قاصد بها مقصود النكاح بل التحليل أو نحوه، فقد اتخذ آيات الله هزوا، حيث تكلم بكلمة العقد وهو غير معتقد للحقيقة التي توجبها هذا الكلمة من مقصود النكاح، فهو والمنافق في أصل الدين سواء، غير أن المنافق في أصل الدين، وهذا منافق في شرائعه، فقول الإنسان: آمنت، كقوله: تزوجت، هو إخبار عما في باطنه من الاعتقاد المتضمن التصديق والإرادة من وجه، وهو إنشاء لعقد الإيمان وعقد النكاح من حيث هو يبتدئ الدخول في ذلك من وجه، فإذا لم يكن صادقا في الإخبار عما في باطنه؛ لأنه لا تصديق ولا إرادة ولا هو داخل في حقيقة الإيمان والنكاح بل إنما تكلم بكلمة، ذلك لحصول بعض الأحكام التي هي من توابع ذلك، فليس صادقا لا من حيث الإنشاء ولا من حيث الإخبار.
وإذا ثبت أن التحليل من اتخاذ آيات الله هزوا ثبت أنه حرام، ويلزم من تحريمه فساده بإبطال مقصود المحلل من ثبوت نكاحه، ثم نكاح المطلقة، كما ثبت أن الهازل لما كان يقصد عدم النكاح بطل مقصوده، فصح نكاحه كذلك.