للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- صلى الله عليه وسلم - الذي أخرجهم الله به من الظلمات إلى النور، وهداهم به إلى صراط العزيز الحميد (١).

وبهذا يكون قد تحدد مفهوم السلف اصطلاحيا حين يذكر في باب اعتقادهم والأخذ عنهم.

أما مفهوم الخلف: فقد حدده شيخ الإسلام بأنه يراد به جماعة المتكلمين ومن تابع منهجهم ومنهج الفلاسفة، وابتعد عن منهاج أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهما منهم أن ذلك خير من مذهب السلف، ويصدق هذا المفهوم على الآخذين بهذا المنهج قديما وحديثا.

ولا سيما والإشارة بالخلف إلى ضرب من المتكلمين الذين كثر في باب الدين اضطرابهم، وغلط في معرفة الله حجابهم، وأخبر الواقف على نهاية أقدامهم بما انتهى إليه أمرهم حيث يقول:

لعمري لقد طفت المعاهد كلها ... وسيرت طرفي بين تلك المعالم

فلم أر إلا واضعا كف حائر ... على ذقن أو قارعا سن نادم (٢)

ويبين شيخ الإسلام خطأ فهم الخلف لمنهج السلف، وبيان ضلال من يزكي مذهب الخلف أنفسهم؛ فإن هؤلاء المبتدعين الذين يفضلون طريقة الخلف من المتفلسفة ومن حذا حذوهم على طريقة السلف إنما أتوا من حيث ظنوا أن طريقة السلف هي مجرد الإيمان بألفاظ القرآن والحديث من غير فقه لذلك بمنزلة الأميين الذين قال الله فيهم: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ} (٣).

وأن طريقة الخلف هي استخراج معاني النصوص المصروفة عن حقائقها بأنواع المجازات وغرائب اللغات. . . وقد كذبوا على طريقة السلف، وضلوا في تصويب طريقة الخلف، فجمعوا بين الجهل بطريق السلف في الكذب


(١) الفتاوى ٥/ ١٥٧ - ١٥٩.
(٢) الفتاوى ٥/ ١٠، جـ١١/ ٣٦٦ - ٣٧٣.
(٣) سورة البقرة الآية ٧٨