للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السلطان الأكبر ". . ففي هذا الجزء الذي كتبه ابن خلدون مقدمة لكتابه الكبير، استطاع أن يقدم إطارا متكاملا لفلسفة نقدية للتاريخ، ويضع في ثنايا ذلك قواعد لعلم الاجتماع البشري " العمران "، لدرجة أن أكثر علماء الاجتماع يعدونه مؤسس علم الاجتماع، أكثر منه مؤسسا لعلم فلسفة التأريخ. والحقيقة أن فلسفة التاريخ ذات وشيجة قوية بعلم الاجتماع، فلا مجال للوقوف عند هذه القضية.

وقبل أن نستخلص أهم المبادئ التي انتهى إليها ابن خلدون نقدم عرضا لهذه (المقدمة) أو هذا الجزء من كتاب " العبر" الذي كان له هذا الأثر في التأريخ.

لقد قسم (١). ابن خلدون (مقدمته) إلى الأجزاء التالية:

(أ) الديباجة: وفيها يذكر ابن خلدون أنه طالع كتب المؤرخين فوجدهم " لم يلاحظوا أسباب الوقائع والأحوال ولم يراعوها ولا رفضوا ترهات الأحاديث ولا دفعوها، فالتحقيق قليل، وطرف التنقيح في الغالب كليل فوضع هذا الكتاب الذي يصف منهجه فيه قائلا: وسلكت في ترتيبه وتبويبه، واخترعته من بين المناحي مذهبا عجيبا وطريقة مبتدعة وأسلوبا، وشرحت فيه من أحوال العمران والتمدن، وما يعرض في الاجتماع الإنساني من العوارض الذاتية ما يمتعك بعلل الكوائن وأسبابها، ويعرفك كيف دخل أهل هذه الدول من أبوابها، حتى تنزع من التقليد يدك، وتقف على أحوال ما قبلك من الأيام والأجيال وما بعدك ".

وهذه الديباجة لا تعدو أن تكون (مقدمة) للمقدمة، بالمعنى المعروف للمقدمات، من شرح المنهج، ومن بيان الجديد الذي يعتقد الكاتب أن يضيفه وأسباب التأليف ومنهجه الجديد.


(١) انظر ص ٦ - ٧ من مقدمة ابن خلدون طبع دار إحياء التراث.