للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حفظ روايات المذهب وعلم مطلقها ومقيدها وعامها وخاصها وعلم أصول الفقه وكتاب القياس وأحكامه وترجيحاته وموانعه وشرائطه أن يفتي بما يخرجه على ما هو محفوظ له وشيخ عصره الشيخ ناصر الدين اللقاني ممن اتصف بهذه الصفات التي يسوغ لمن اتصف بها جواز الإفتاء فيما لم يكن فيه نص وقد أطبق من بعده من العلماء على متابعته فيما يفتى به مما لم يوجد فيه نص في المذهب ثقة به واعتقادا لاطلاعه على ما لم يطلعوا عليه وأنه لا يقدم على ذلك من غير شيء يعتمد عليه وقد وافقه على ذلك من هو مقدم عليه في الفقه وهو أخوه الشيخ محمد اللقاني وقد وقع لعلماء مذهبهم المعتمد عليهم كابن عرفة والبرزلي وابن ناجي العمل بما جرى عليه عمل شيوخهم مما ليس بمنصوص عليه. فهذا أو نحوه يفيد أنه يجوز للمفتي أن يفتي بما خرجه غيره على النصوص ممن فيه أهلية للتخريج. ومما يستأنس به في هذا المقام قوله عليه الصلاة والسلام: «ما رآه المؤمنون حسنا فهو حسن (١)» يعني أنه عند الله حسن ومقتضى الحال في المسألة الواقعة هي أن حوانيت الأوقاف بمصر جرت عادة سكانها أنه إذا أراد أحدهم الخروج من الدكان أخذ من الآخر مالا على أن ينتفع بالسكنى فيه ويسمونه خلوا وجدكا ويتداولون ذلك بينهم واحدا بعد واحد وليس يعود على تلك الأوقاف نفع أصلا غير أجرة الحانوت بل الغالب أن أجرة الحانوت أقل من أجرة المثل بسبب ما يدفعه الآخذ من المال والذي يدور عليه الجواب في ذلك إن كان الساكن الذي أخذ الخلو يملك منفعة الحانوت مدة فأسكنها غيره وأخذ على ذلك مالا فإن الآخذ بيده إجارة صحيحة من الناظر أو الوكيل بشروطها بأجرة المثل فهو سائغ له الأخذ على تلك المنفعة التي يملكها ولا ضرر على الوقف لصدور الأجرة موافقة لأجرة المثل وأما إن لم يكن مالكا للمنفعة بإجارة صحيحة فلا عبرة بخلوه


(١) مسند أحمد بن حنبل (١/ ٣٧٩).