للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(هو هو) أو (حي حي) وغير ذلك من ألوان الهذيان الذي يرددونه ويزعمون أنه ذكر لله في الوقت الذي لو سمعتهم وهم يترنمون بهذه الأذكار التي لا يفهم منها شيء في كثير من الأحيان لخيل إليك أن أمامك سباعا تتعاوى وتتهارش على فريسة بل تحولت أذكار كثير ممن ينتسب إلى الإسلام اليوم إلى أنواع من الرقصات المختلفة فضلا عما يصحب ذلك من آلات الطرب والمعازف واختلاط الرجال بالنساء وشرب المسكرات وغير ذلك من أنواع الفساد التي يمليها عليهم الشيطان، فيا ليت شعري، ماذا سيقول هذا الصحابي الجليل لو اطلع على هذه المناظر أو سمع تلك الأصوات المنكرة {إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} (١).

وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ينكر على الصحابة لما رفعوا أصواتهم بالتكبير ويقول: «يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تنادون أصم ولا غائبا (٢)». ولا شك أن ذكر الله واجب من أعظم الواجبات التي حث عليها الإسلام كما قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} (٣) {وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} (٤) ومن أعظم وصايا النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله (٥)» لكن لا بد أن يكون الذكر وفقا للمعايير التي جاء بها الكتاب والسنة، دون إفراط أو تفريط. وجاء عن ابن مسعود أيضا في ذم البدعة: (اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم)، وقال ابن عباس لمن سأله الوصية: (عليك بتقوى الله والاستقامة اتبع ولا تبتدع)، وقال ابن عمر -رضي الله عنهما-: (كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة). وقد روى هذه الآثار الكثيرة


(١) سورة لقمان الآية ١٩
(٢) رواه البخاري في "الجهاد " باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير.
(٣) سورة الأحزاب الآية ٤١
(٤) سورة الأحزاب الآية ٤٢
(٥) رواه الترمذي في الدعوات