ولما كانت الطرائق في الدين تنقسم إلى قسمين. . فمنها ما له أصل في الشريعة ومنها ما ليس له أصل فيها. خص منها ما هو المقصود بالحد وهو القسم المخترع في الدين، أي طريقة ابتدعت على غير مثال تقدمها من الشارع. وقوله في التعريف: تضاهي الشرعية، يعني أنها تشابه الطريقة الشرعية من غير أن تكون في الحقيقة كذلك، بل هي مضادة لها من أوجه متعددة على رأس تلك الأوجه اتهام الشريعة بالنقص وعدم الكمال وهذا معلوم البطلان من الدين بالضرورة كما تقدم. وقوله:" يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله تعالى " هو تمام معنى البدعة إذ هو المقصود بتشريعها. وذلك أن أصل الدخول فيها يحث على الانقطاع إلى العبادة والترغيب في ذلك، لأن الله تعالى يقول. {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}(١) فكأن المبتدع رأى أن المقصود هذا المعنى.
فأراد أن يسلكه بأي وجه ولم يتبين له أن الشارع قد وضع لذلك حدودا وضوابط وقوانين لا يجوز أن يزاد فيها أو ينقص.