للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأول وقع تحت هذا التحذير، ونحن بهذا لا ننكر زيارة قبره صلى الله عليه وسلم إذا فعلت بالطريقة المشروعة وبدون شد رحال أو تخصيص يوم أو شهر معين لأن شد الرحال من أجل العبادة خاص بالمساجد الثلاثة التي جاءت في الحديث «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام، ومسجدي هذا والمسجد الأقصى (١)»، والأعياد المعروفة في الإسلام ثلاثة أعياد فقط، عيد الفطر، وعيد الأضحى، وعيد الأسبوع الذي هو يوم الجمعة، وما عدا ذلك من الأعياد المحدثة ما هو إلا ضرب من البدع الضالة التي قلدنا فيها أعداءنا. ولا شك أن العواطف الكاذبة ودعوى حب الرسول صلى الله عليه وسلم هي التي حدت بنا إلى أن نبتدع ولا نتبع، وكيف تجتمع دعوى محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع مخالفة أمره في النهي عن الإحداث في الدين (الضدان لا يجتمعان) على حد قول القائل:

تعصي الإله وأنت تزعم حبه ... هذا لعمرك في القياس بديع

لو كان حبك صادقا لأطعته ... إن المحب لمن يحب مطيع

وقد جعل الله تعالى ميزان محبته ودليلها هو اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم: قال تعالى {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٢) وبمنطوق الآية لا يعتبر محبا لله من خرج على الاتباع ولجأ إلى الابتداع، ما من شك في أنه يجب على كل مسلم أن يقدم محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى على نفسه فقد روى الشيخان عن أنس -رضي الله عنه- قال: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين (٣)».


(١) رواه مسلم في "الحج" وأبو داود في المناسك"، باب إتيان المدينة
(٢) سورة آل عمران الآية ٣١
(٣) صحيح البخاري الإيمان (١٥)، صحيح مسلم الإيمان (٤٤)، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (٥٠١٣)، سنن ابن ماجه المقدمة (٦٧)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٢٠٧)، سنن الدارمي الرقاق (٢٧٤١).