للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فجعل ابن عباس لا يأذن لحديثه ولا ينظر إليه فقال: يا ابن عباس: ما لي لا أراك تسمع لحديثي، أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسمع؟ فقال ابن عباس: إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ابتدرت أبصارنا وأصغينا إليه بآذاننا، فلما ركب الناس الصعب والذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف (١).

وقال ابن أبي حاتم حدثنا شعبة عن سمان عن عكرمة سمع ابن عباس يقول إذا حدثنا ثقة عن علي فتيا لم نعده (٢).

وقد أخرج مسلم في مقدمة صحيحه أيضا عن محمد بن سيرين أنه قال: لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم (٣). وابن سيرين من كبار التابعين، وقد استعمل صيغة الجمع للماضي البعيد فلا يكون قصده إلا الصحابة الذين شاهدوا الفتن ورأوا شيوع الكذب.

ولذلك شاعت في زمنهم هذه القاعدة: إن هذه الأحاديث دين فانظروا عمن تأخذونها.

ومن الدليل على استفحال الأمر وشيوع الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم والدعوة العامة إلى الاحتياط في قبول الحديث ما رواه لنا مسلم في مقدمة صحيحه أيضا عن ربعي بن حراش أنه سمع عليا رضي الله عنه يخطب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تكذبوا علي فإنه من يكذب علي يلج النار (٤)».


(١) مقدمة مسلم / ١٣
(٢) الجرح والتعديل جـ ١ ق١ ص٢٧
(٣) مقدمة مسلم / ١٥
(٤) مقدمة مسلم / ٩