وقال علي بن إبراهيم المروزي: سئل ابن المبارك عن العدل فقال:
من كان فيه خمس خصال: يشهد الجماعة ولا يشرب هذا الشراب (النبيذ) ولا تكون في دينه خربة (وفي نسخة خزية) ولا يكذب ولا يكون في عقله شيء (١).
فأنت ترى هذه الأقوال تشمل جل القواعد الأساسية لجرح الرجال أو تعديلهم.
وهناك أقوال أخرى للأئمة الآخرين الذين يعدون من الطبقة التي بعدها ولذلك لم نذكرها التزاما بذكر رجال الطبقة التي تلت بعد التابعين، وإلا فالحقيقة أنه لا يمكن وضع حد فاصل زمني بين صدور هذه الأقوال وظهور هذه الأسس من رجال هذه الطبقة والتي تليها.
وفي الجملة: هذه الشروط وأمثالها الأخرى هي التي أصبحت نبراسا لمن جاءوا بعدهم من المحدثين وأصبحت بمثابة الأصول والقواعد لهم. ثم ظهرت فروع وتفاصيل.
ولهذا تبين لنا الأسباب التاريخية لنشأة علم نقد الحديث والدواعي الدينية لتصدي الأئمة للكلام على الرجال بالجرح أو التعديل والبحث في إسناد الحديث والقيام بالرحلات المضنية في طلب الحديث وسماعه من الراوي الأصل والتثبت منه ثم عرضه على رواية غيره من أهل الحفظ والإتقان لقبوله إذا كان موافقا، أو رفضه إذا كان الأغلب على حديثه المخالفة.