للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القرآن العظيم هو عام لكل نفس مرت بهذه الحياة وجب أن يكون ثمة (أصل) لا نعرفه منه تنبثق العودة العظمى إلى الحياة الثانية. . . فما هو؟. . وأنى هو؟. .

في صحيح البخاري عن أبي هريرة (رضي الله عنه) يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما بين النفختين أربعون، ويبلى كل شيء من الإنسان إلا عجب ذنبه، فبه يركب الخلق (١)».

وقد توارد على رواية هذا الخبر العديد من كتب الحديث كمسلم والنسائي وأبي داود وأحمد. . وعلى الرغم من أننا لم نر هذا العجب ولم نعرف عن صفاته سوى ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من كونه كحبة الخردل (٢)، فهو من الحقائق المسلمة عند أولي العلم والإيمان لصدورها بحق على لسان المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى. . ومن هنا نطل على (الأصل) المفقود الذي من خلاله نطلع على منطلق الحياة إلى الدار الآخرة.

والظاهر كذلك أن هذا العجب قد خص به الخالق الإنسان دون غيره من سائر الخلق. . وبخاصة عالم النبات الذي زوده من أسباب التجدد بتلك البذور المساعدة على تواصل البقاء على هذه الأرض، حتى إذا بدلت الأرض غير الأرض انتهى دورها، وبدأ دور هذا الإنسان المميز بالتكليف والمعرض للمسؤولية عن أمانة الله، التي أقدم على تحملها بعد أن أحجمت الأرض والسماوات والجبال عن ذلك.

ومع جهلنا التام لماهية هذا العجب فقد فهمنا من كونه الشيء الذي (فيه يركب الخلق) أن له مثل خاصية البذرة النباتية ما إن يتوافر لها الجو الملائم حتى تشرع في التفاعل المتلاحق إلى أن تستكمل صورتها الأولى. .


(١) انظر كتاب التفسير من صحيح البخاري جـ ٨، ص ٥٥٢ و٥٥٣، ط السلفية.
(٢) انظر كتاب التفسير من صحيح البخاري جـ ٨، ص ٥٥٢ و٥٥٣، ط السلفية.