للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الروح يوم النشور. . ثم أيها الذي يشهد علينا أو لنا بين يدي العليم الحكيم، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم؟.

ولا يفوتنا أن نتذكر هنا كذلك أن هذا الجسم المكون من عناصر الأرض على اختلافها، من مائع وطيار وجامد، وما لا يحصيه بعد الله سوى ذوي التخصص، قد قضى المبدع العظيم أن يكون موته وتلاشيه سببا في انحلاله إلى كل هذه الأصول، وأن تأخذ كل ذرة منه سبيلها إلى مناسبها، فيلحق بعضها بأجسام أناسي أخرى عن طريق الغذاء أو الدواء أو الهواء. . إلى ما يتصور وما لا يتصور في علم بشر، فكل ذرة منه إذن ستشارك في بناء وعمل الأجسام التي صاحبتها. . ومع يقيننا التام بقدرة الخالق على رجع كل ذرة ونوية إلى أصلها الأول، نوقن كذلك بقدرته على تكوين هذه (الأجزاء الفضلية) - حسب تعبير المرحوم الشيخ حسين الجسر في (الرسالة الحميدية) - تكوينا جديدا على الوجه الذي يشاؤه، وأن كلتا الحالتين في ميزان العظمة الإلهية سواء. . وإنما نستنبط هذا من خبر الوحي عن تبديل جلود أهل النار، مع أن البديل غير المبدل منه. وكفى بهذا دلالة على كون العذاب على الذات وليس الجلود- وأشباهها من أجزاء الهيكل الإنساني - سوى تجسيم لصورة الذات المعذبة. . وهي قضية مشهودة ملموسة في تجارب الإنسان اليومية عن طريق الأحلام والرؤى. . فكم من نائم يعاني أنواع العذاب والآلام، وآخر يتمتع بأصناف النعيم دون أن يشعر بعذابه أو نعيمه جاره أو ضجيعه. . ولا تعليل لذلك إلا بكون الألم واللذة من خصائص الروح دون الجسم.