للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يذكر، فإن ما يقتضيه العقد صحيح معمول به سواء ذكر في صورة شرط أو لم يذكر أصلا.

ولكنهم لا يقصدون من تقرير هذه القاعدة الحكم في ذاته، بل يقصدون التمهيد بذلك للاستثناءات الحقيقية من مبدأ وحدة الصفقة، فيبنون على هذه القاعدة الأولى قاعدة أخرى.

٢ - ومن ثم يقررون أن الشرط يلائم العقد، وإن لم يكن العقد يقتضيه صورة، هو من مقتضى العقد حقيقة، فيلحق بالشرط الذي يقتضيه العقد، ويكون استحسانا شرطا صحيحا يصح معه العقد، وقد سبق بسط هذه المسألة في تفصيلاتها وما ورد فيها من الأمثلة.

٣ - ثم ينتقلون بعد ذلك إلى شرط جرى به التعامل، وهذا هو الباب الواسع الذي يدخل منه التطور السريع. فيجيزون شرطا فيه منفعة مطلوبة، دون أن يقتضيه العقد ودون أن يلائم العقد إذا كان التعامل قد جرى به. فيصح الشرط في هذه الحالة استحسانا ويصح معه العقد.

٤ - ثم يقررون أن الشرط الذي ليست فيه منفعة مطلوبة لا تتحقق فيه معنى الصفقة، ولا يجعل العقد ينطوي على صفقتين، ومن ثم يلغو الشرط لعدم إمكان المطالبة به. ولكن يبقى العقد صحيحا.

٥ - ثم إنهم في الشرط الذي فيه منفعة مطلوبة دون أن يقتضيه العقد ودون أن يلائم العقد -وهذا هو الشرط الفاسد الذي يجعل العقد متعدد الصفقة- ويميزون بين أنواع العقود المختلفة - فيقصرون تحريم الصفقتين في الصفقة الواحدة على عقود المعاوضات المالية دون التبرعات والإسقاطات والإطلاقات والتقييدات على ما قدمنا، ففي المعاوضات المالية يتحقق معنى تعدد الصفقة كاملا، أما في غير المعاوضات المالية فالأمر يختلف، إذ يمكن إلغاء الشرط الفاسد دون أن يمس ذلك كيان العقد الأصلي. فيلغو الشرط ويصح العقد.

هذه هي حلقات متلاصقة في سلسلة من الاستثناءات أوردها المذهب الحنفي على مبدأ ضيق هو مبدأ وحدة الصفقة، فوسع فيه، وأنقذ كثيرا من ضروب التعامل، وخطا خطوات محسوسة في طريق التطور. وكل هذا باسم الاستحسان، هذا المصدر الخصب الذي كان من أهم أسباب تطور المذهب الحنفي.

* * *