للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آباءهم هو الدين وإن كان بعيدا عنه، ولكن الله سبحانه لا يخلي الأرض من قائم لله بحجة. وقد أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأن طائفة من المسلمين لا تزال على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تعالى، كما أخبر - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه أبو داود وصححه الحاكم وغيره حيث قال: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها (١)» قال المناوي (٢) في فيض القدير أي يقيض لها «على رأس كل مائة سنة (٣)» من الهجرة أو غيرها والمراد الرأس تقريبا (من) أي رجلا أو أكثر «يجدد لها دينها (٤)» أي يبين السنة من البدعة، وينشر العلم وينصر أهله، ويكسر أهل البدعة ويذلهم - قالوا ولا يكون إلا عالما بالعلوم الدينية الظاهرة والباطنة، قال ابن كثير: قد ادعى كل قوم في إمامهم أنه المراد بهذا الحديث والظاهر أنه يعم جملة من العلماء من كل طائفة وكل صنف من مفسر ومحدث وفقيه ونحوي ولغوي وغيرهم انتهى.

وقد وقع مصداق ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث فلا يزال - والحمد لله - فضل الله على هذه الأمة يتوالى بظهور المجددين عند اشتداد الحاجة إليهم ومن هؤلاء المجددين الإمام أحمد بن حنبل في القرن الثالث، وشيخ الإسلام ابن تيمية في آخر القرن السابع وأول الثامن، وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في القرن الثاني عشر، وقد أحببت في هذه العجالة أن أقدم بعض المعلومات عن هؤلاء الأئمة وما قاموا به من تجديد هذا الدين مما لا تزال آثاره باقية في هذه الأمة ولله الحمد والمنة والقصد من ذلك تعريف من يجهل مجهود هؤلاء الأئمة والتنبيه للانتفاع بآثارهم والاقتداء بهم، والله الهادي إلى سواء السبيل.


(١) سنن أبو داود الملاحم (٤٢٩١).
(٢) فيض القدير للمناوي: (٢/ ٢٨١ - ٢٨٢).
(٣) سنن أبو داود الملاحم (٤٢٩١).
(٤) سنن أبو داود الملاحم (٤٢٩١).