للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كشجرة بلا ثمر " والله تعالى يقول: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (١) والصحابة - رضي الله عنهم - يقول قائلهم: ما كنا نتجاوز عشر آيات حتى نتعلم معانيهن والعمل بهن، قالوا فتعلمنا العلم والعمل جميعا، وكان سلفنا الصالح على هذه الصفة، ومنهم الإمام أحمد فقد اتصف بالعلم الغزير والعمل الصالح والأخلاق الفاضلة.

ذكر ابن الجوزي في صفوة الصفوة (٢) قال: وعن عبد الله بن أحمد قال كان أبي أصبر الناس على الوحدة، لم يره أحد إلا في مسجد أو حضور جنازة أو عيادة مريض، وكان يكره المشي في الأسواق.

وعنه قال: كان أبي يصلي في كل يوم وليلة ثلاثمائة ركعة، فلما مرض من تلك الأسواط (٣) أضعفته فكان يصلي في كل يوم وليلة مائة وخمسين ركعة. وقد كان قرب من الثمانين، وكان يقرأ في كل يوم سبعا يختم في كل سبعة أيام، وكانت له ختمة في كل سبع ليال سوى صلاة النهار، وكان ساعة يصلي عشاء الآخرة ينام نومة خفيفة ثم يقوم إلى الصباح يصلي ويدعو، وحج أبي خمس حجات، ثلاث حجج ماشيا واثنتين راكبا، وأنفق في بعض حجاته عشرين درهما، وعنه قال: كنت أسمع أبي كثيرا يقول في دبر الصلاة: اللهم كما صنت وجهي عن السجود لغيرك صنه عن المسألة لغيرك، وقال صالح بن أحمد بن حنبل: ورد كتاب علي ابن الجهم: أن أمير المؤمنين (يعني المتوكل) قد وجه إليك يعقوب المعروف بقوصرة ومعه جائزة ويأمرك بالخروج، فالله الله أن تستعفي أو ترد المال فيتسع القول لمن يبغضك، فلما كان من الغد ورد يعقوب فدخل عليه فقال: يا أبا عبد الله أمير المؤمنين يقرئك السلام ويقول قد أحبب أن آنس بقربك وأن أتبرك بدعائك - وقد وجهت إليك عشرة آلاف درهم معونة على سفرك وأخرج صرة فيها بدرة نحو مائتي


(١) سورة البقرة الآية ٢٨٢
(٢) ص ١٩٧ جـ ٢.
(٣) يعني الأسواط التي ضربها بسبب امتناعه من القول بخلق القرآن في عهد المعتصم.