للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مجلسه، مائلا إليهم مقتصرا عن أهل الدنيا، تعلوه السكينة والوقار، إذا جلس في مجلسه بعد العصر للفتيا لا يتكلم حتى يسأل، وإذا خرج إلى مسجده لم يتصدر يقعد حيث انتهى به المجلس، وكان لا يمد قدمه في المجلس ويكرم جليسه، وكان حسن الخلق، دائم البشر، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، وكان يحب في الله ويبغض في الله، وكان إذا أحب رجلا أحب له ما يحب لنفسه، وكره له ما يكره لنفسه ولم يمنعه حبه إياه أن يأخذ على يديه ويكفه عن ظلم وإثم أو مكروه إن كان منه، وكان إذا بلغه عن شخص صلاح أو زهد أو قيام بحق أو اتباع للأمر سأل عنه وأحب أن يجري بينه وبينه معرفة. وأحب أن يعرف أحواله، وكان رجلا فطنا. إذا كان الشيء لا يرضاه اضطرب لذلك، ويغضب لله ولا يغضب لنفسه فلا ينتصر لها، فإذا كان في أمر من الدين اشتد له غضبه حتى كأنه ليس هو، لا تأخذه في الله لومه لائم، وكان حسن الجوار، يؤذى فيصبر ويحتمل الأذى من الجار انتهى.

هذه أخلاق الإمام أحمد. علم وعمل وتواضع وصبر واحتمال، وجدير بمن تربى على الكتاب والسنة وتتلمذ على العلماء العاملين وخالط الصالحين أن يكون كذلك، بخلاف من يتربى على نظريات الفلاسفة وأفكار الغرب فإنه سيتأثر بها ويتخلق بها، فيجب على المسلمين أن يوجهوا أولادهم إلى الكتاب والسنة وأخلاق السلف الصالح ليتربوا التربية الصحيحة، ويتجهوا الوجهة السليمة، ويزكوا استيراد النظريات التربوية من الكفار وفلاسفة الغرب.