للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أيدي الناس، قال الله تعالى {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} (١) وأن المؤمن هو الذي يتعظ ويرتبط بالله، أما غيره فتمر عليه الأحداث كما تمر على الجمادات، بل إن من الجمادات ما يحس ويخاف قال تعالى: {وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} (٢) وفرق بين المؤمن وغيره، بأن المؤمن يتحمل ما ينزل به في نفسه أو ماله أو ولده، أو ما يحيط به بصبر وطمأنينة ورضا، فيؤجر على ذلك، أما غيره فيتسخط ويجزع فلا يدفع عنه ذلك شيئا، وإنما يزداد مع وقوع النازلة ألما نفسيا، فيسخط ربه، ويبطل عمله، وتبقى نازلته عليه - كما قال بذلك بعض العارفين. يقول - صلى الله عليه وسلم -: «أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل (٣)» ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «لا يزال البلاء بالمؤمن حتى يلقى الله وليس عليه ذنب (٤)» ولذا قيل: المؤمن مبتلى، ليكون في ذلك محك لإيمانه، وميزان لدرجة صبره واطمئنان قلبه.

ومكر الله وعقابه، وغيرته سبحانه على نعمه، تكون دائما نصب عيني المؤمن، فهو يخشى ويخاف على نفسه أولا، وهل هو من المقبولين أم لا؟ كما جاء في الأثر «المؤمن بين مخافتين: أجل قد مضى، لا يدري ما الله صانع فيه، وأجل قد بقي لا يدري ما الله قاض فيه». فهو يخشى من عقابه، ويخاف من مكره سبحانه ونقمته، قال تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} (٥)


(١) سورة النساء الآية ٧٩
(٢) سورة يونس الآية ١٠١
(٣) رواه البخاري وأحمد في مسنده.
(٤) رواه مسلم.
(٥) سورة الأعراف الآية ٩٩