للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٦ - روى القاضي وكيع قال: أخبرنا عبد الله بن سعد بن إبراهيم، قال: حدثني عمي، قال: حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدثني عبد الله بن شبرمة: أن قتيلا أصيب في وادعة من همدان ولا يعلم له قاتل، فكتب فيه شريح بن الحارث إلى عمر بن الخطاب، فكتب عمر: (أن خذ من وادعة خمسين رجلا، الخير والخير، ثم استحلفهم بالله ما قتلوا، ولا يعلمون له قاتلا، ففعل ذلك، ففعلوا فكتب إليه شريح: إنهم قد حلفوا، فكتب إليه عمر: بهذا برئوا من الدم، فما الذي يخرجهم من العقل؟ ضع عليهم عقله) (١).

٧ - وذكر ابن الجوزي قال: (عن عبد الله بن عمر قال: كنا مع عمر في منى، فأبصر رجلا يسرع في سيره، فقال: إن هذا الرجل يريدنا، فأناخ ثم ذهب لحاجته، فجاء الرجل فبكى عمر، وقال: ما شأنك؟ قال: يا أمير المؤمنين إني شربت الخمر، فضربني أبو موسى وسود وجهي، وطاف بي، ونهى الناس أن يجالسوني، فهممت أن آخذ سيفي فأضرب أبا موسى، أو آتيك فتحولني إلى بلد لا أعرف فيه، أو ألحق بأرض الشرك، فبكى عمر وقال: ما يسرني أن تلحق بأرض الشرك، وأن لي كذا وكذا، وقال: إني كنت لمن أشرب الناس الخمر في الجاهلية. ثم كتب إلى أبي موسى: إن فلانا أتاني، فذكر كذا وكذا، فإذا أتاك كتابي هذا فمر الناس أن يجالسوه، وأن يخالطوه، فإن تاب فاقبل شهادته، وكساه وأمر له بمائتي درهم) (٢).

إلى غير ذلك من الكتب الكثيرة التي حفلت بها كتب التأريخ والسير والآثار والفقه، مما كان يكتب به عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - إلى ولاته وقضاته، التي تحمل في ثناياها غزارة التوجيهات والنصائح للقضاة والعمال، وكان دافعه إلى ذلك خشيته أن تزل بالقاضي قدمه في معاملة الناس والقضاء


(١) أخبار القضاة جـ ٢ ص ١٩٣ - ١٩٤.
(٢) تاريخ عمر بن الخطاب ص ١٥٣.