للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كذبهم: أنه لا سبيل لهم إلى وجود حديث عن أحد من الصحابة - رضي الله عنهم - أنه أطلق الأمر بالقول بالقياس أبدا، إلا في الرسالة المكذوبة الموضوعة على عمر - رضي الله عنه - فإن فيها: " واعرف الأشباه والأمثال وقس الأمور "، وهذه رسالة لم يروها إلا عبد الملك بن الوليد بن معدان عن أبيه وهو ساقط بلا خلاف، وأبوه أسقط منه أو من هو مثله في السقوط] (١).

ومما لا شك فيه أن ابن حزم له باع طويل في معرفة طرق الرواية والأسانيد والرجال، فهو عالم من الطراز الأول، كما أنه غير متهم في دينه وخلقه. لذلك كان لطعنه في السند وراوي الرسالة وزن واعتبار لا يمكن إغفاله أو تجاهله، وخصوصا أنه عبر عنه بلغة الجزم والقطع، بل بلغة قاسية حين قال في راويها: " عبد الملك بن الوليد بن معدان عن أبيه وهو ساقط بلا خلاف، وأبوه أسقط منه أو من هو مثله في السقوط " (٢).

كما أن ابن القيم وافقه على انقطاع السند حيث قال: " قال أبو عبيد: فقلت لكثير: هل أسنده جعفر؟ قال: لا " (٣)، ثم قال: " وهذا كتاب جليل تلقاه العلماء بالقبول، وبنوا عليه أصول الحكم والشهادة، والحاكم والمفتي أحوج شئ إليه وإلى تأمله والتفقه فيه" (٤)، ليدفع ما قد يتوهم بأن عدم إسناده يعرضه للطعن في صحته، إذ قبول العلماء له يكسبه نوعا من الإقرار بصحته والموافقة على ما فيه، ويجوز أن جعفرا يعلم الإسناد ولكنه حذفه اختصارا وإلا من أين جاء بالرسالة وهو ثقة.

لكن علماء الحديث لم يوافقوه في سقوط الراوي عبد الملك بن الوليد بن معدان، ولا أبيه الوليد بل عده علماء الرجال من الثقات.

ولم يوافقوه على ورودها من الطرفين اللذين ذكرهما بل ذكروا طرقا أخرى


(١) المحلى جـ ١ ص ٧٧ الناشر مكتبة الجمهورية العربية سنة ١٣٨٧ هـ.
(٢) المحلى جـ ١ ص ٧٧.
(٣) إعلام الموقعين جـ١ ص٩٢.
(٤) إعلام الموقعين جـ١ ص ٩٢.