للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثلاث روايات اختارها، وهي رواية الجاحظ، وابن قتيبة، وابن خلدون، وحاول أن يجعل من اختلاف الروايات سببا للتشكيك في صحة نسبة الكتاب إلى عمر، وعجب أن يكون هذا الكتاب قد نقل شفاها من عمر لأبي موسى] (١).

فنقول: صحيح أنها رسالة مكتوبة، ولكن الرواة يتناقلونها عن طريق الحفظ، لذلك يقع تعدد الروايات واختلافها، علما بأنه لم يقع اختلاف بينها يذكر، اللهم إلا في اختلاف المفردات اللغوية. فيروي هذا كلمة وغيره يرويها بكلمة أخرى لا تغير المعنى والمقصود، أو يقدم جملة على أخرى. وقد أجاز علماء الحديث رواية الحديث بالمعنى إذا كان لا يحيله، فليس الاختلاف قادحا فيها وموجبا لردها، وخصوصا أنها عن عمر بن الخطاب.

يقول الأستاذ عبد العزيز المراغي: [اختلاف الروايات في الحديث لا يكون سببا قادحا فيه، وموجبا لرده، خصوصا وأن هذا الكتاب عن عمر لا عن الرسول، وهو مكتوب في معنى خاص، لا يغير من شأنه اختلاف الروايات فيه، مادامت كلها تحمل هذا المعنى، والعلماء الخبيرون بالأخبار، وطرق نقلها لم يشكوا في صحة الكتاب، ولم ينقل عن واحد منهم معنى من معاني رده، وقد تولى تفسيره كثير منهم، وإعلام الموقعين لابن القيم يكاد يكون كتابا موضوعا لشرح كتاب عمر، اتخذ التعليق عليه وسيلة للإفاضة في كثير من أسرار التشريع التي نصب ابن القيم نفسه لبيانها والدفاع عنها، ولم يشكك هو، ولا شيخه ابن تيمية في الكتاب من قريب أو بعيد، ولو كان في الكتاب مغمز ما ترددوا في بيانه] (٢).

أما ما ذكره من عجبه أن يكون هذا الكتاب قد نقل شفاها من عمر لأبي موسى الأشعري، فالرد عليه: أن الكتاب لم ينقل كذلك، وإنما هو رسالة مكتوبة بعث بها عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري، وحفظها عنده وقبيل وفاته أوصى لابنه بما عنده من أوراق ومستندات فحفظها عنده ابنه أبو بردة مع غيرها من رسائل عمر بن الخطاب لأبيه، ورواياتها تدور أغلبها على سعيد بن


(١) الهامش على كتاب: أخبار القضاة لوكيع جـ١ ص ٧٤.
(٢) التعليق على أخبار القضاة لوكيع جـ ١ ص ٧٤.