للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال تعالى حاكيا عنهم ما قالوه من الزور: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ} (١).

هذا قولهم في الرسول - صلى الله عليه وسلم - والقرآن، ولهذا كذبهم سبحانه وبين حقيقة قولهم وأنه من زور القول أي كذبه وباطله فقال: {فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا} (٢).

فقول الكذب وعمل الباطل هو من شأن الكفار والمشركين الذي يجب على الموحد لله المخلص له أن يجتنبه كما يجتنب الشرك، ولهذا قال سبحانه: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} (٣).

فأمر سبحانه باجتناب قول الزور كما أمر باجتناب الشرك، فكلاهما أظلم الظلم وأكبر الكبائر. وقول الزور أنواع كثيرة ذكر منها المفسرون - رحمهم الله تعالى - على سبيل المثال: دعاء غير الله. وتعظيم الأنداد، وتحريم ما أحل الله وتحليل ما حرم الله ونحو ذلك، فإن ذلك كله من القول على الله بلا علم ومن الافتراء عليه (٤).

وكذلك من قول الزور الافتراء على الرسول - صلى الله عليه وسلم - مثل ما يتفوه به الكفار الحاقدون قديما وحديثا في حقه - صلى الله عليه وسلم -، كنسبة السحر والكهانة إليه أو أن النبوة أمر كسبي ليست اصطفاء واجتباء من الله تعالى.

وقولهم - لعنهم الله - ببشرية القرآن وأنه من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - من كلامه أو تلقاه عن غيره من اليهود والنصارى وغيرهم. وكذلك قولهم في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - في تعدد الزوجات وغيرها من المسائل التي يتفوه بها الكافرون والمنافقون والمستشرقون كذبا وزورا: {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} (٥).


(١) سورة الفرقان الآية ٤
(٢) سورة الفرقان الآية ٤
(٣) سورة الحج الآية ٣٠
(٤) تفسير ابن جرير جـ ١٩/ ٤٨، وابن كثير جـ ٣/ ٣٢٨.
(٥) سورة الكهف الآية ٥